الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زنيا ثم تابا ويريدها زوجة ثانية ويأبى وليها

السؤال

أنا رجل متزوج عمري 35 عاماً وعندي عيال وكنت عاصياً حتى أنني فعلت إحدى الكبائر وهي الزنا، وكان هذا مع نفس المرأة على مدار ما يقارب السنتين، الحمد لله في نصف السنة الأخيرة تبت وعرفت مدى كبر ذنبي بحق الله، وأنا الآن في كل صلاة أطلب من ربي أن يغفر لي، وأرجو رحمته علي، في نفس الفترة هذه البنت التي زنيت بها أيضاً تابت ورجعت إلى صفوف ربها (عمرها 28 بكر)، حتى الآن أنا أحس بأني أحبها، وفعلا قررت الزواج منها ولكن أن يكون بالسر فقط من ناحية عائلتي أنا، وليس بضرورة من جهة أهلها، أي لا أريد أن أهلي يعلمون بهذا الزواج ولا أمانع في أن أهلها يعرفون عني، ولكن أهلها رفضوا زواجها مني بعذر أنني متزوج، سؤالي هو: يا حضرة الشيخ، هل هذا الزواج صالح، وإذا إجابتك نعم، هل يسقط الولي عنها، لأن عذر أبيها غير شرعي!! وهل لها الحق بأن ترفع أمرها إلى قاض شرعي لكي يزوجني إياها، وهل إذا زوجني إياها قاض، يحق لي أن أتفق معها على المبيت بأن يكون عند بيت أهلها، (طبعاً مع موافقتها)؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنت، وأحسنت هذه البنت في المبادرة إلى التوبة من الزنا، الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، والذي قد حذر الله تعالى منه بقوله: وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً [الإسراء: 32].

وبخصوص زواجك من هذه البنت التي زنيت بها، فلا حرج فيه إن شاء الله، ما دمتما قد تبتما من الزنا، ولكن يشترط لذلك إذن وليها، روى أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليهان فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل.

وإن غلب على الظن عضل وليها لها، جاز لها أن ترفع أمرها إلى القاضي، فإن ثبت عنده عضل وليها لها، تولى تزويجها أو ولى عليها من يزوجها عند جمهور الفقهاء، وهو رواية عند الحنابلة، والمذهب عندهم انتقال الولاية إلى من بعده.

قال ابن قدامة في المغني: الحكم الثالث: إذا عضلها وليها الأقرب انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى تنتقل إلى السلطان. انتهى.

والمفتى به عندنا القول الأول، وتراجع الفتوى رقم: 30347، وأما إخبارك أهلك بهذا الزواج فليس بلازم، وإخبارهم أولى إن لم تترتب عليه مفسدة راجحة، ولو قدر زواجك من هذه المرأة من سبيل صحيح فلا حرج عليك في المبيت عند أهلها إن لم يترتب على ذلك ضرر.

وننبه في ختام هذا الجواب إلى أن كون الرجل له زوجة ليس بمسوغ لعدم قبوله إذا كان مرضياً في الدين والخلق، لأن الشرع قد أباح له الزواج من أربع من النساء، إذا كان قادراً على النفقة والوطء، وكان قادراً على تحقيق العدل، ولمزيد من الفائدة تراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1677، 1766، 1660

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني