السؤال
بعد زواجي بتسعة أشهر، أراد زوجي السفر، نظرًا لتدهور أوضاع البلاد، من قصف وطائرات وضرب. في ذلك الوقت، وضعت الذهب (المقدم من المهر) عند أبي، خوفًا من أن يأخذه زوجي دون إرادتي. في تلك الأيام، حصلت مشكلة بسبب والدته، وقالت له: بأني إن لم أُحْضِر الذهب، فإنه يتركني كالمعلقة.
أحضرتُ الذهب بعد ذلك، وقال زوجي: إذا كنتِ تريدين الذهاب معي، بيعي الذهب وتعالي معي، فبعت الذهب من أجل السفر معه، وقد كنت لا أرغب في ذلك، لكنني شعرت أنني مجبرة، وعندما كان يسألني: هل تريدين بيعه للذهاب معي؟ كنت أجيبه: "نعم". ثم سافرنا لمدة عام كامل خارج البلاد.
اليوم، بعد مرور عشر سنوات على زواجنا، لدينا ثلاثة أطفال، ونعيش مع والدته وأخيه.
سؤالي: إذا أردت خلع زوجي، فهل يجب عليه إعادة الذهب؟ وإن لم أطلب الخلع، فهل يحق لي مطالبته بالذهب، باعتباره جزءًا من مهر الزواج، مع العلم أنه أجبرني على بيعه للسفر معه، بحجة أن البلاد غير آمنة، وليس لغرض كسب الرزق؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننوّه إلى أنّ مسائل الخصومات والمنازعات بين الزوجين أو غيرهما؛ لا تفيد فيها الفتوى، والذي يفصل فيها هو القضاء الشرعي، أو من يرتضيه أطراف النزاع للحكم بينهم، ممن يصلح لذلك من أهل الخبرة، فيسمع منهم، ويتعرف على حقيقة ما حصل بينهم.
وعلى وجه العموم من حيث الحكم الشرعي؛ فالخلع يصحّ بالعوض الذي يتفق عليه الزوجان، ولا يشترط أن يكون العوض جميع المهر، بل يصح ببعض المهر، أو بمال آخر غير المهر.
قال النووي -رحمه الله- في روضة الطالبين: وأصل الخلع مجمع على جوازه، وسواء في جوازه خالع على الصداق أو بعضه، أو مال آخر أقل من الصداق، أو أكثر. انتهى.
وما وهبته المرأة لزوجها، أو أنفقته عليه متبرعة؛ فليس لها مطالبة زوجها به، وما أعطته رهبة وخوفًا؛ فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز مطالبته به. وراجعي الفتوى: 36826.
واعلمي أنّ المرأة منهية عن سؤال الطلاق أو الخلع لغير مسوّغ، فلا ينبغي أن يُصار إلى الخلع أو الطلاق؛ إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا استطاع الزوجان الإصلاح، والمعاشرة بالمعروف، ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات، والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق. وانظري الفتوى: 94320.
والله أعلم.