الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاستشهاد بقوله تعالى (خذوا حذركم) للتنبيه على الخطر بين الجواز والمنع

السؤال

هل يجوز الاستشهاد بالقرآن الكريم في مثل هذه المواضيع؟
لنفترض أنني أردت أن أنصح شخصًا بضرورة الانتباه عند عبوره الطريق مشيًا، وقلت له: إن الله أمر المؤمنين بأخذ الحيطة والحذر، وقرأت عليه بعض الآيات الكريمة مثل:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ...} [النساء: 71]، {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ...} [النساء: 102] فهل يجوز ذلك؟
جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الاستشهاد بالقرآن في موضع الجد، على سبيل النصح، والمقام يحتمله، وليس فيه ما يوحي بالابتذال للقرآن، وإنما لإظهار أهمية الأمر المنصوح به، أو المتكلَّم فيه، والمستشهِد بالآية عالم بمعناها، وسياقاتها التي تشابهها، وتنافيها، فلا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى، فقوله تعالى: وخُذُوا حِذْرَكُمْ {النساء: 71}، وإن كان في سياق أخذ التحذير من كيد الأعداء، إلا أنه لا مانع من أن يستشهد به في أخذ الحذر من أي خطر يهدد الإنسان، لأنه معنى عام تدل عليه الآية، ولذا جاء في موطن آخر قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا {النساء: 71}.

وأما أن يستبدل كلامه بالقرآن، فيستعمل آيات القرآن للتعبير عن مراده ومخاطباته ومقاصده، فلا ينبغي ذلك، إلا أن يكون لديه مانع من التكلم بكلام البشر في موضع حاجة للكلام، كأن يكون في الصلاة، فيقرأ الآية يقصد بها التلاوة، والتنبيه على الحاجة، فلا بأس بذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مختصر الفتاوى المصرية: وليس لأحد استعمال القرآن لغير ما أنزله الله له، وبذلك فسّر العلماء الحديث والمأثور: لا يناظر بكتاب الله، أي لا يجعل له نظير يذكر معه، كقول القائل لمن قدم لحاجة: لقد جئت على قدر يا موسى، .. ولو قصده به التلاوة والتنبيه على معنى يخاطب به للحاجة، كان جائزًا، مثل ما قيل لعلي رضي الله عنه في الصلاة {لئن أشركت ليحبطن عملك}، فقال: {فاصبر إن وعد الله حق}، فهذا ونحوه رخَّصَ فيه العلماء. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني