الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانتفاع بالأشجار التي في الطرقات ولا مالك لها... رؤية شرعية

السؤال

يوجد بعض النخيل في الشوارع والطرقات، لم يزرعه أحد، بل نما نتيجة لبذور ونوى التمر التي رُمِيَت بغير قصد الزراعة، أو بغير قصد من الناس بعد تناول التمر. وهذا النخيل لا يُنتِج ثمارًا، لكنه يُنتِج اللقاح الذي يُستخدم في تلقيح النخيل.
أحيانًا يقوم الناس وعمال النظافة في الشوارع بأخذ بعض هذا اللقاح لتلقيح النخيل في الشوارع والطرقات، أو في المزارع الخاصة، مقابل مادي.
وهذا النخيل يُنتِج فسائل صغيرة تحته، ولا يهتم بها القائمون على تشجير وتزيين المدن، ولا يستخدمونها في إكثار هذا النخيل، بل يقتصر دورهم على تهذيب أوراقه وسعفه وريّه إن كان موجودًا ضمن خط الأشجار في الشوارع.
فهل يجوز لي أن آخذ فسيلة صغيرة، أو أكثر من تحت هذا النخيل وزراعتها في أرضي الخاصة لتلقيح النخيل الموجود عندي، مع زراعة نخلة أو أكثر مكانها في الشوارع والطرقات عوضًا عنها؟ أم إن هذا النخيل يُعتبر ملكية عامة لا يجوز بأي حالٍ استخدامه لمنفعة خاصة أو تملُّكه، حتى وإن زُرِع نخيل بدلاً عنه؟
وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا حرج في الانتفاع بالشجر الذي ليس له مالك، كالشجر الذي لم يزرعه أحد، ونبت في أرض غير مملوكة لأحد، ولا تمنع الدولة من الانتفاع به، فمثل هذا إن سبق إليه أحد فأخذه، فهو له، وله الانتفاع به على أي وجه مباح، وانظر الفتوى: 264838.

قال ابن قدامة في المغني: من سبق إلى مقاعد الأسواق والطرقات، أو مشارع المياه والمعادن الظاهرة والباطنة، وكل مباح -مثل ‌الحشيش، ‌والحطب، ‌والثمار، ‌المأخوذة من الجبال ... وسائر المباحات، من سبق إلى شيء من هذا، فهو أحق به، ولا يحتاج إلى إذن الإمام، ولا إذن غيره؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم، فهو أحق به. اهـ.

وجاء في مجلة الأحكام العدلية: المادة (1254): يجوز لكل أحد الانتفاع بالمباح، لكنه مشروط بعدم الإضرار بالعامة.
المادة (1255): ليس لأحد منع آخر من أخذ وإحراز الشيء المباح.
المادة (1259): لأي أحد كان أن يقطف فاكهة الأشجار التي في الجبال المباحة وفي الأودية والمراعي التي لا صاحب لها.
اهـ.

قال علي حيدر في شرح مجلة الأحكام: ومثل حكم هذه المادة يجري في كافة المباحات أيضًا، إذ أنه لكل أحد الاحتطاب، والاحتشاش، وأخذ المياه من الأنهار العامة. اهـ.

وجاء في الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي: الاستيلاء على الكلأ والآجام:
الكلأ: هو الحشيش الذي ينبت في الأرض بغير زرع، لرعي البهائم.
والآجام: الأشجار الكثيفة في الغابات أو الأرض غير المملوكة...
وأما ‌الآجام: فهي من الأموال ‌المباحة إن كانت في أرض غير مملوكة، فلكل واحد حق الاستيلاء عليها، وأخذ ما يحتاجه منها، وليس لأحد منع الناس منها، وإذا استولى شخص على شيء منها وأحرزه، صار ملكاً له
. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني