الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين (يعملون) و (يصنعون)

السؤال

ما هي الدلالات البيانية والفروق في ما يخص هذه الصيغ في بعض الآيات القرآنية:1- ( الله بما تعملون بصير) و ( الله بصير بما تعملون )
2- ( الله بما يعملون خبير) و ( الله خبيربما يعملون )
3- ما الفرق بين ( الله خبيربما يعملون ) و( الله خبير بما يصنعون)
وجزاكم الله عنا خير الجزاء

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنا ننبه بداية إلى أن القرآن الكريم ليس فيه "والله بما يعملون خبير" ولا "والله خبير بما يعملون"، ولا "والله خبير بما يصنعون"

ولكن يوجد فيه "والله خبير بما تعملون" ويوجد فيه "والله بما تعملون خبير" بتاء الخطاب فيهما.

وقد نبه أهل العلم إلى أن تقديم المعمول على العامل - أعني تقديم "بما تعملون" على "خبير" أو على "بصير" وتأخيره أحيانا فيه تنويع للأسلوب ومجانسة للفواصل في بعض الأحيان، وأما "يعملون" و "يصنعون" فقد ذكر أهل العلم أن معناهما واحد، ونقله ابن كثير عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وذكر ابن عاشور أنه للتفنن في العبارات، وذكر هو والشوكاني في "فتح القدير" والقرطبي في تفسيره أن معناهما واحد، إلا أن الصنع يقتضي الجودة أكثر.

قال الشوكاني عند قوله تعالى في سورة النساء موبخا لليهود المنحرفين وعلمائهم التاركين للنهي عن المنكر: [وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ] (المائدة: 62- 63). وبخ علماءهم في تركهم لنهيهم فقال:[ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ] وهذا فيه زيادة على قوله:[ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] لأن العمل لا يبلغ درجة الصنع حتى يتدرب فيه صاحبه، ولهذا تقول العرب: سيف صنيع إذا جود عامله عمله، فالصنع هو العمل الجيد لا مطلق العمل، فوبخ -سبحانه- الخاصة وهم العلماء التاركون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما هو أغلظ وأشد من توبيخ فاعل المعاصي، فليفتح العلماء لهذه الآية مسامعهم ويفرجوا لها عن قلوبهم، فإنها قد جاءت بما فيه البيان الشافي لهم بأن كفهم عن المعاصي مع ترك إنكارهم على أهلها لا يسمن ولا يغني من جوع، بل هم أشد حالا وأعظم وبالا من العصاة، فرحم الله عالما قام بما أوجبه الله عليه من فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو أعظم ما افترضه الله عليه، وأوجب ما أوجب عليه النهوض به. اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين الآمرين بالمعروف الناهين عن المنكر الذين لا يخافون فيك لومة لائم، وأعنا على ذلك وقونا عليه ويسره لنا وانصرنا على من تعدى حدودك وظلم عبادك إنه لا ناصر لنا سواك ولا مستعان غيرك، يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني