الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قول الجمهور في باب قضاء الصلاة أبرأ للذمة

السؤال

هناك التباس عند التائب بأي حكم يأخذ لقضاء الصلوات للسنين الماضية خاصة أن الحكمين متناقضين حسب الفتوى فإن الراجح من أقوال أهل العلم أن من يترك الصلاة بالكلية هو كافر مرتد عن الإسلام، وعليه فإن تاب ورجع عليه أن يجدد إيمانه، ولا يلزمه قضاء ما فات من الصلوات. وذهب الجمهور إلى أنه غير كافر رغم إثمه الشديد، وإنما عليه التوبة الصادقة مع إعادة ما فرط فيه من صلوات على الفور حسب استطاعته في أي ساعة من ليل أو نهار، فإن كانت الفوائت كثيرة قضى في اليوم الواحد صلاة يومين على الأقل إلا إذا كان ذلك يؤخره عن كد لعياله، فيجوز الاقتصار على صلاة يوم، قال الدسوقي: فالواجب حالة وسطى، فيكفي أن يقضي في اليوم الواحد صلاة يومين فأكثر، ولا يكفي قضاء يوم في يوم إلا إذا خشى ضياع عياله إن قضى أكثر من يوم. انتهى.
وايضا هناك فتوى للشيخ ابن باز وهي س: عمري الآن 29 سنة وقد بدأت أصلي منذ سن الرابعة والعشرين وما زلت ولله الحمد وأشكره على أن هداني، ولقد بادرت بقضاء ما علي من صلوات منذ أن كان عمري خمسة عشر عاما حسب طاقتي ، ولكن اختلف رأي الناس فمنهم من يقول : لا يلزمك القضاء والتوبة كافية ، ومنهم من يقول : يلزمك القضاء . . أرجو بيان الصواب؟
ج : الصواب أنه لا يلزمك القضاء والتوبة النصوح كافية في ذلك وهي المشتملة على الندم على ما وقع منك والاستقامة على الصلاة والعزم الصادق ألا تعود إلى تركها لقول الله عز وجل : قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ الآية ، وقوله سبحانه : وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا وقول النبي صلى الله عليه وسلم: الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها. وقوله عليه الصلاة والسلام: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، فماذا يفعل التائب وهو احتار بأمره وخصوصا عندما يقال له اقض ما فاتك من سنين طوال أليس بالأمر العسير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أهل العلم لم يختلفوا في كفر تارك الصلاة جحوداً لوجوبها، وبالتالي فهم متفقون على سقوط القضاء إذا تاب المرتد من كفره.

وأما تركها كسلاً، فالمرجح من الأقوال فيه هو التفصيل بين من يصلي تارة ويترك أخرى، وبين من يترك بالكلية فيحكم بكفر الثاني دون الأول، ومن أهل العلم من قال بكفر من ترك عمداً كسلاً مطلقاً قلَّ المتروك أو كثر، ومنهم من قال لا يكفر من ترك تكاسلاً ولو ترك سنين كثيرة، وهذا هو مذهب جمهور أهل العلم، والراجح هو ما قدمناه من التفصيل، ومع ذلك فإننا نقول بأن الأخذ بمذهب الجمهور في باب القضاء أحوط وأبرأ للذمة.

وعليه، فإذا كان التائب المسؤول عنه هنا ممن كان جاحداً وجوب الصلاة، فهذا لا خلاف في أن القضاء ليس واجباً عليه، وإن كان تاركاً لها كسلاً فقط، فقد علمت الراجح فيه، فإن أحب أن يحتاط لدينه ويقضي الصلوات التي كان تركها فذلك أفضل له، لأنه يخرج به من الخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني