الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ نسبة مقابل التوسط بين طرفي العقد

السؤال

فضيلة الشيخ أولاً استسمحكم عذراً في الاستشارة لموضوعين أريد الحصول على فتوى شرعية فيها:
1- أنا شاب أقطن إحدى الدول العربية المسلمة وأعمل بشركة وطنية مملوكة للقطاع العام وظيفتي بهذه الشركة مترجم وأعد الاتصالات بالشركات التي تزود هذه الشركة بالمواد الخام ومواد التغليف وما إلى ذلك، وحيث إن الشركة التي أعمل بها تتأخر في سداد المرتبات إلى فترة تتجاوز 6 أشهر فأنا أقدم في إجازة وأعمل بمجال التوفيق بين شركات عالمية (بين الشاري والبائع)، مقابل الحصول على نسبة بسيطة من المال يدفعها لي البائع نظير خدماتي له في تسويق منتجه داخل بلادي، وقد حصل أن علمت من أحد الزملاء بالشركة التي أعمل بها بأن الشركة قاربت على التوقف بسبب نقص كبير في المواد الخام وأنهم يبحثون عن مصادر لتزودهم بالمواد العديدة، عندما قمت بالاتصال بالعديد بالشركات المتخصصة في المواد المطلوبة وقد نسقت معها على اساس أن تقدم نفسها كمزود للمواد الخام للشركة مقابل هامش ربح يتم إرساله لي عند التسوية على عروضها، قد تم هذا الأمر وتم دخول هذه الشركات إلى قائمة المزودين وأيضاً تم طلب العديد من المواد من تلك الشركات، سؤالي هو: هل يحق لي شرعاً بأن آخذ هذه النسبة من المال نظير خدماتي لها (إنني زودتها بعنوان هذه الشركة وأنها تحتاج إلى تلك المواد)، ما حكم الشرع بهذه النسبة التي سأخذها، مع العلم بأنه ونظراً لظروف الشركة التي أعمل بها مالياً فإن العديد من المزودين السابقين يرفضون إرسال عروضهم بسبب العلم بأحوالها المالية الصعبة، في الحقيقة تم سؤالي لأكثر من شيخ هنا ببلدي ولكن لم يتم إعطائي جواباً شافياً حيث (نقطة أنني أعمل أصلاً بهذه الشركة)، كانت محيرة جداً، قيل لي بأنها شبهة وقد اقترح علي أحدهم بأن أقبل بتحويل هذه النسبة المالية حتى لا تتوقف أحوال الشركة ومن ثم توزيعها على فقراء المسلمين، مع العلم بأني لو استشرت مدير شركتي في أن أجلب شركة للتزويد وأن آخذ منها نسبة مالية سيرفض قطعاً، أفيدونا أفادكم الله بهذه المسألة.
لي صديق يعمل بالتجارة وهو يسأل عن مسألة تخص الضرائب والجمارك وهي ما الحكم الشرعي في التحايل والتلاعب على الضرائب والجمارك، مع العلم بأن الجمارك والضرائب لا تعتد إلا بالفواتير الحقيقية للبضائع وتقوم بضرب القيمة بالفاتورة إلى الضعف، أو تقدر قيمة البضاعة تقديراً عشوائياً مما يضر بمستورد البضاعة مالياً مما يضطره إلى التغيير في قيمة الفاتورة الأصلية إلى أقل من النصف (بالتنسيق مع الشركة المصدرة)، أرجو تكرمك بالرد السريع أفادكم الله على البريد الإلكتروني الآتي: nyynais1@yahoo.com

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اشتمل سؤالك على عدة أمور:

الأمر الأول: ما يتعلق بالنسبة التي تأخذها مقابل التوسط بين طرفي العقد، فما تقوم به من الوساطة بين الشركات يسمى في الفقه بالسمسرة، والسمسار هو الذي يتوسط بين المتعاقدين، ويسهل مهمة العقد مقابل مبلغ يأخذه منهما أو من أحدهما، والفقهاء يعدون السمسرة من باب الجعالة، قال البخاري: باب أجرة السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. انتهى.

والأجرة التي يحصل عليها السمسار مقابل ذلك تسمى جعالة ويشترط فيها أن تكون معلومة فلا يجوز أن تكون نسبة من الربح لأنها حينئذ جعالة بمجهول.

وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره، وفي رواية للنسائي: إذا استأجرت أجيراً فأعلمه أجره. هذا هو الراجح وهو مذهب الجمهور وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة من الربح.

قال في كشاف القناع: ولو دفع عبده، أو دفع دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة جاز، أو دفع ثوباً إلى من يخيطه أو دفع غزلا إلى من ينسجه بجزء من ربحه، قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز نص عليه في رواية حرب وإن دفع غزلا إلى رجل ينسجه ثوبا بثلث ثمنه أو ربعه جاز نص عليه أو دفع ثوبا إلى من يخيطه أو غزلا إلى من ينسجه بجزء منه مشاع معلوم جاز. انتهى.

وقال ابن سيرين: إذا قال بعه بكذا، فما كان من ربح فهو لك، أو بيني وبينك فلا بأس به.

الأمر الثاني: ما يتعلق بأخذك أجرة السمسرة على التوسط بين شركتك وشركة أخرى ولذلك حالتان:

الحالة الأولى: أن يكون ذلك خارج وقت الدوام فلا حرج عليك في ذلك لأن ما كان خارجاً عن وقت الدوام فهو ملك لك تتصرف فيه كما تشاء، ومن ذلك ما إذا قمت بهذا العمل في إجازتك لكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الإخلال بالعمل خلال وقت الدوام وألا يحصل هناك تحايل بحيث تترك هذا الأمر وقت الدوام مع إمكانه حتى تعمل ذلك خارج وقت الدوام.

الحالة الثانية: أن يكون ذلك خلال وقت الدوام في الشركة وهذا لا يجوز لك إلا بإذن الشركة، وبما أنك تفعل ذلك بغير إذنهم فلا يجوز لك ذلك لأنك أجير خاص لا يجوز لك العمل خلال مدة الإجارة لغير المستأجر إلا بإذنه، وفي هذه الحالة لا تستحق شيئاً من الأجرة بل هي للشركة التي تعمل فيها لأنه كان في وقتهم، إلا أن يهبوا لك ذلك.

والأمر الثالث: ما يتعلق بالضرائب والجمارك والتهرب منها والتحايل عليها وقد تقدم الكلام عن ذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39412، 37158، 23759.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني