السؤال
هل يجوز للمرأة أن تعمل في تبخير المحلات التجارية مقابل أجر؟ أم يجب عليها أن تبحث عن عمل آخر، خشية أن تعلق رائحة البخور في ملابسها، فتدخل في وعيد النبي ﷺ بقوله: «إذا استعطرت المرأة، فمرّت على القوم ليجدوا ريحها، فهي زانية»؟ [رواه النسائي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (323)].
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن السائلة لم تبين لنا حال هذه المرأة التي تبخر المحلات هل تفعل ذلك بحضرة الأجانب أم لا؟
فإن كانت تفعل ذلك في غير أوقات تواجد الناس، كبداية الدوام قبل مجيء العمال والرجال الأجانب، ثم تبدل ملابسها التي توجد بها الرائحة، وتغسل من بدنها ما فيه رائحة، بحيث لا يشم الرجال منها شيئًا عند انصرافها، فلا حرج عليها؛ لأن الوصف المعلق عليه الحكم هو أن يجد الرجال الأجانب ريح عطرها.
وأمّا إن كان عملها يستلزم اختلاطها بالرجال، أو مرورها بهم وقت عملهم، أو في محالهم، وهي تحمل أداة البخور، وتدور به في السوق، ورائحة العطور تفوح، فلا يجوز لها ذلك، إذ لا فرق بين أن تكون هي نفسها متعطرة، أو أن تكون رائحة العطور تفوح منها، لما في صحيح مسلم مرفوعا: أيما امرأة أصابت بخورًا، فلا تشهد معنا العشاء. وفي حديث المسند: أيما امرأة استعطرت، ثم خرجت، فمرّت على قوم ليجدوا ريحها، فهي زانية، وكل عين زانية.
قال العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: يجوز لهن أن يخرجن لما يحتجن إليه من أمورهن الجائزة، بشرط أن يكن بذة الهيئة، خشنة الملبس، تفلة الريح، مستورة الأعضاء، غير متبرجات بزينة. اهـ.
وقال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير: أيما امرأة استعطرت، ثم خرجت، فمرّت على قوم ليجدوا ريحها، فهي زانية، وكل عين زانية.
(أيما امرأة استعطرت) أي: استعملت العطر، وهو الطيب الظاهرة رائحته. (ثم خرجت فمرّت على قوم) أجانب ولو واحد. (ليجدوا ريحها) أي: قصدت بالمرور، أو باتخاذ العطر ذلك. (فهي زانية) في إثمها؛ لأنها تعرضت لإثارة شهوة الرجال، فنزل السبب منزلة المسبب، وفيه دليل على أن ذرائع الحرام حرام. اهـ.
والله أعلم.