السؤال
علمتُ من موقعكم الكريم أن الجهالة في الثمن، أو الأجل تُفسد العقد، فظهرت لي إشكالية كبيرة في هذا الأمر؛ لأني كنتُ أظن من قبل أن المسألة لا تخرج عن مجرد التراضي بين البائع والمشتري. لكنني قرأت في موقعكم أيضًا أن من يدخل المطعم ويأكل، ثم يُحاسب بعد ذلك، لا يجب عليه أن يعلم السعر قبل أن يأكل. ومثل ذلك شخصٌ آخر يشتري بضاعة ثم يُحاسب عليها بعد ذلك، دون تحديد السعر قبل عملية الشراء، لأن الأسعار شبه معروفة.
فأنا قبل أن أعلم أن الجهالة في الثمن تُفسد العقد، كنتُ أتعاقد مع مصنع يعمل بالصاج لتصنيع إكسسوارات معيّنة، بناءً على رسومات محددة أرسلها له، فيقوم بتصنيعها وإرسالها إلى مصنعي، ثم يُخبرني بالسعر في نهاية الشهر، فأرسل له المال. وكنت لا أدري ثمن المصنوع قبل العقد؛ لأنه يتعذر عليه تحديده قبل التصنيع، لعدم علمه بكمية ألواح الصاج التي سيستخدمها، أو الوقت الذي سيستغرقه تشغيل آلات الليزر والثني وغيرها. ومع ذلك، فأنا دائمًا راضٍ بالثمن، وأعلم أن المصنع يقدّم أسعارًا جيدة، فقد تعاملت مع غيره من قبل، وبالتالي لم أكن أسأله عن السعر. كما أني قلت: أنا راضٍ بالثمن، ولديّ علم تقريبي بالسعر، فربما أقدّره بألف، ثم يخبرني هو أنه ألف وخمسمائة، ومع هذا، فأنا في كل الأحوال راضٍ. ألا يكفي التراضي بين البائع والمشتري؟ أليس سبب النهي عن الجهالة هو الغرر الذي قد يفضي إلى النزاع؟
هذا الموضوع يُسبب لي حرجًا شديدًا، وقد نتفق على أعمال مثل صيانة السيارة، أو إصلاح الأجهزة، أو تصنيع أشياء، ولا يعلم المشتري السعر إلا بعد انتهاء البائع من العمل. وغالبًا ما يكون لدى المشتري علم تقريبي بالسعر، إما بسبب تجارب سابقة، أو لأنه راضٍ مسبقًا بأي ثمن يُذكر بعد الانتهاء. فماذا أفعل في كل العقود التي أبرمتُها من قبل، دون علمي المسبق بالثمن؟
لقد قرأت أنه يجب عليّ ردّ المبيع، لكن المبيع قد استُهلك، ولا أستطيع تقديره؛ لأنه كثير، كما لا يمكنني إجبار البائع على فسخ كل العقود السابقة.
أرجو تأكيد ما فهمته من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية: أن العقود التي أُبرمت واعتقد الطرفان حلّها، ثم تبيّن فسادها لاحقًا، فإنها تُصحّح لأنهم أمضوها عن اعتقاد بالجواز. فقد كنتُ أظن أن جهلي بالسعر لا يُفسد العقد، ما دمتُ راضيًا.