السؤال
يتم توزيع التركات (الإرث) عندنا في العراق على أساس الشرع الحنيف للذكر مثل حظ الأنثيين إلاّ في توزيع الأراضي الزراعية فإن الأنثى تأخذ نصيبها مثل الذكر فهل لهذا الإجراء مسوغ شرعي؟ وما هو الدليل عليه من الكتاب والسنة، أفيدونا؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فيجب على المسلم أن يمتثل أوامر الله سبحانه وتعالى، ويجتنب نواهيه كلها، ولا يجوز له أن يجزئها حسب هواه أو ما يحلو له، فقد قال الله عز وجل: وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ [المائدة:49]، وقال تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا [النساء:65].
وحكم الله تعالى في التركات واضح محكم بنص القرآن الكريم، فلم يكل الله تعالى قسمة التركة إلى أحد من خلقه ولو كان نبياً مرسلاً، وقد جعل الله تعالى نصيب الذكر ضعف نصيب الأنثى، فقال تعالى: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11].
سواء في ذلك الأموال المنقولة أو العقارات والأراضي الزراعية، فيجب قسم الجميع على كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين، وهذه القاعدة مطردة إلا في الإخوة للأم، فإنهم متساوون في الإرث الذكر كالأنثى، فلكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث، وقد وعد الله عز وجل من أطاعه وامتثل هذه الأوامر بجناته ومغفرته ورحمته ورضوانه، كما توعد من تجاوز هذه الحدود بالعذاب الشديد، فقال تعالى معقباً على أحكام التركة: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ [النساء: 13-14].
والحاصل أنه يجب على المسلم اتباع شرع الله تعالى عموماً، وخاصة في أحكام التركة لأن الله قد تولى قسمتها بنفسه، فلا فرق في الأحكام بين الأراضي الزراعية أو غيرها.
والله أعلم.