السؤال
أعلم أن مشاهدة الأفلام والمسلسلات والأغاني حرام شرعًا، ولكن بيئتي كلها تستمع إلى هذا، وبطبيعة الحال أنا في المنزل معهم، والتلفاز يعمل، فأسمع هذه الأشياء أحيانًا.
أنا أجلس في طابق غير الطابق الذي فيه التلفاز، وأحاول كثيرًا ألا أنزل إليهم حتى أبتعد عن هذا، ولكن في أوقات الطعام أو عند اجتماعٍ لسببٍ ما أجلس معهم، والتلفاز يكون مشغَّلًا، فما حكم ذلك؟ وهل عليَّ إثم؟
وقد أخبرتهم أن هذا حرام، ولكنهم يرون أن هذا تشدّد، ويقولون: هذه أمور نشأنا عليها منذ صغرنا، وكل الناس تفعلها. فلم أعد أكلّمهم ثانيةً في هذا الأمر، لأنهم عندما كنت أكلّمهم سابقًا كانوا يقولون لي: إنك متشدّد وتُتعبنا وتُضيّق علينا. وهذه الكلمات تؤذيني، وأحيانًا أنفعل في كلامي، فأخاف أن أقع في العقوق. لذلك اكتفيت بأن أتجنب هذه التجمعات قدر الإمكان، وأدعو لهم في صلاتي. ولكن أحيانًا أجلس معهم كما وصفتُ سابقًا، فما حكم ذلك؟
وقد شرعتُ في تعلم أسماء الله الحُسنى، وهذا أكثر ما يهوّن عليَّ غربتي، وأدعو الله كثيرًا أن ينجيني من الفتن. كما أنني أستمع إلى المواعظ كثيرًا عبر الإنترنت حتى لا أنسى وأضعف سريعًا، لكن افتقاد البيئة والصحبة الصالحة يؤثر عليَّ.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاكِ الله خيراً على حرصكِ على طاعة الله، واجتناب معاصيه، ونسأله تعالى أن يعينكِ على طاعته، ويتقبل منكِ صالح عملك.
واعلمي؛ أنّه لا حرج عليك -إن شاء الله- في الجلوس مع أهلك عند الحاجة مع سماعك صوت التلفاز المشتمل على الأغاني والمسلسلات والأفلام؛ لأنّك غير قاصدة للسماع، وقد نصّ بعض أهل العلم؛ على أنّ المحرّم في المعازف ونحوها هو الاستماع دون السماع.
قال ابن حجر الهيتمي -رحمه الله- في كتابه كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع: ومنها: أن الممنوع إنما هو الاستماع لا مجرد السماع لا عن قصد وإصغاء، وقد صرّح أصحابنا بأنه لو كان في جواره شيء من الملاهي المحرمة ولا يمكنه إزالتها، لا يلزمه النقلة، ولا يأثم بسماعها لا عن قصد.
وصرّحوا ها هنا بأنه إنما يأثم بالاستماع لا بالسماع. اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ...الأمر والنهي، والوعد والوعيد يتعلق بالاستماع؛ لا بالسماع. انتهى من مجموع الفتاوى.
وداومي على سماع المواعظ، وتعلّم العلم النافع، وكثرة الذكر والدعاء، واحرصي على نصيحة أهلك بعلم ورفق وحلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في رسالة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: جاء في الأثر عن بعض السلف، ورووه مرفوعًا، ذكره القاضي أبو يعلى في المعتمد: لا يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلا من كان فقيهًا فيما يأمر به، فقيهًا فيما ينهى عنه، رفيقًا فيما يأمر به، رفيقًا فيما ينهى عنه؛ حليمًا فيما يأمر به، حليمًا فيما ينهى عنه. انتهى.
واحذري من الإساءة إلى والديك؛ فإنّ أمر الوالدين بالمعروف ونهيهما عن المنكر ليس كأمر ونهي غيرهما.
قال ابن مفلح الحنبلي -رحمه الله-: قال أحمد في رواية يوسف بن موسى: يأمر أبويه بالمعروف، وينهاهما عن المنكر، وقال في رواية حنبل: إذا رأى أباه على أمر يكرهه، يعلّمه بغير عنف، ولا إساءة، ولا يغلظ له في الكلام، وإلا تركه، وليس الأب كالأجنبي. انتهى من الآداب الشرعية.
والله أعلم.