الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرزء في الدرجة العلمية لا الرزء في الدين والحجاب

السؤال

أنا فتاة لدي من العمر25 سنة، أعد للماجستير وفي شهر سبتمبر أناقش الرسالة وأعرض على لجنة في الجامعة التي أنتمي إليها. وقد قمت بارتداء الحجاب هذه السنة ولكن المشكلة أن البلد الذي أنتمي إليه يمنع ذلك. وكذلك أعلم جيدا أن الحجاب مسألة مؤكدة ولا نقاش فيها. فماذا أفعل يوم المناقشة للماجستير .؟ مع العلم بأن والداي لخوفهما علي يمنعاني من ذلك. فماذا أفعل وبماذا تنصحوني ليقوى إيماني.. دعاء أو ذكر أو صلاة أو إحساس أوماذا ..حتى يقوى إيماني ويثبت بإذن ربي.لأني في الحقيقة مترددة بين الخوف والإيمان..

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكما تعلمين أن لبس الحجاب فريضة من الله على كل مسلمة، وأن خلعه حرام، وانظري الفتاوى: 32096 34692، 43312 وملحقاتها، فإن فيها مزيد بيان.

وننصحك بالإكثار من الدعاء والإلحاح على الله أن يكشف عنك الكرب وأن يشرح صدر المناقشين لك، وتحري للدعاء الأوقات الشريفة الفاضلة كجوف الليل وأثناء السجود، وعند الفطر إذا صمت، ونحو ذلك.

كما ننصحك بأن تستخيري الله قبل الذهاب للمناقشة، ثم اذهبي إلى قاعة المناقشة واثقة بالله متوكلة عليه ملتزمة بحجابك، متشحة بحيائك، فو الله لأن ترزئي في الدرجة العلمية (الماجستر) خير من أن ترزئي في دينك وحيائك.

فالدنيا فانية والآخرة باقية. قال صلى الله عليه وسلم: الدنيا سجن المؤمن. وقال أيضا: لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء. رواه الترمذي وقال: صحيح غريب. وصححه الألباني. وعن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بالسوق داخلا من بعض العالية والناس كنفته أي جانبه، فمر بجدي أسك أي صغير الأذنين ميت، فتناوله وأخذ بأذنه ثم قال: أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: أتحبون أنه لكم؟ قالوا: والله لو كان حيا كان عيبا فيه، لأنه أسك، فكيف وهو ميت؟! فقال: فو الله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم.

وماذا تفيد الشهادة العليا إذا كان المصير هو النار؟! فإذا منعوك من المناقشة لأجل حجابك وحيائك فتذكري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد وصححه شعيب الأرناؤوط.

وتأملي سرعة انقضاء الدنيا في هذا المثل القرآني. قال تعالى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ {الحديد: 20}. وتأملي الآيات التي تليها في سورة الحديد، ولو لا خوف الإطالة لنقلتها لك.

ولا تجزعي من تثبيط الناس لك وتزييفهم لدنياك، خاصة والديك، واعلمي أنه لا تجوز طاعتهم إذا أمروك بمعصية الله، وانظري الفتاوى: 49230، 4104، 23057.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني