الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعلق ابنهما بفتاة مريضة نفسيا فماذا يفعلان

السؤال

الرجاء أن تفتوني فأنا في حيرة وعذاب لقد جئت إلى بلد أجنبي مع زوجي وأولادي لمتابعة دراستهم ورغبتنا في أن نكون بجانب أبنائنا لرعايتهم وأكبرهم في السن 22 وفي يوم من الأيام حدث وأن تعرفنا على فتاة تدرس هنا بعيدة عن عائلتها أي أنها قد أتت من بلد عربي وتقطن في نفس البناء وكانت غير مراعية لأوامر الدين عدا أنها لم تكن محجبة بل إنها كانت على جهل كبير فلم تكن تستر نفسها بل كانت تتصرف كالأجنبيات بلبسهن وتصرفاتهن وحريتها الكاملة في الخروج والدخول في أي الأوقات شاءت من غير رقابة ولا دستور يمنعها من ذلك، وشاءت الصدف بأن نهديها ونعاملها معاملة كأحد أبنائنا واتفقنا على أن نكون لها مكان عائلتها واستجابت للحجاب ولا أدري إن كانت صادقة في التزامها وبعد فترة من تعرفنا عليها لاحظت أن لديها عدة مشاكل نفسية وصحية لا أستطيع تحديد أو وصف ما يجري لها عندها صرع واكتئاب وحزن عميق وتشتت وانهيار عصبي عدا من العديد من المشاكل الصحية وذلك كله نتيجة صدمة عصبية حدثت بوفاة أختها الكبيرة نتيجة مرض عصبي أيضاً ووقوع أخيها الوحيد بنفس المرض ووالدها أيضا لديه مشكلة في القلب ومرض خبيث في الجهاز التناسلي المشكلة بدأت أننا حزنا عليها جداً وحاولنا معها الكثير لتتخطى مشاكلها النفسية وذلك بالذكر والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، الذي حدث أنني وجدت نفسي متعبة جدا بعد أشهر حتى أنني بدأت أعاني مشاكل نفسية وصحية حتى اعتقدت أخيراً أن أمراضها تنتقل إلي تدريجياً فقرر زوجي أن نخفف من العلاقة خوفا علي وعلى أولادنا إذ بدأنا بمشاهدة كوابيس مزعجة، ولكن بعد فترة لاحظت أن ابني الكبير الذي يصفه الناس بالعقل والدين والأخلاق أنه على علاقة بها وسألني أن أطلبها له بنفس الوقت الذي تركته الخطيبة السابقة ولم نعلم السبب إلى الآن، أما زوجي فقام الدنيا وحزن أشد الحزن ورفض هذا الموضوع لاكتشافه الكثير من الأكاذيب وألاعيب تلك الفتاة أقصد المريضة (عافاها الله) وأصبحت تنفي قصة مرضها بعد أن حاولت وهددت ابني بالانتحار إذا لم يقبل زواجها حتى أنها قالت إنها ممكن أن تتخلص من الأب بقتله حتى يستطيع الزواج وهي عادة تخرج أو يضيع منها العقل ولا تدري بنفسها ما تصنع أو تقول ذلك حسب زعمها، المشكلة الرئيسية الآن أن ابني بحالة تشتت يريد أن يداويها ويرعاها ويتعهدها ويقول إنها أمانة في أعناقنا وسوف نسأل عنها يوم القيامة وعليه أن يتزوجها ليحميها ويستطيع العناية بها ولو أن يمنحها الجنسية (جنسية البلد الذي يحملها ابني)، وهذا ما تصبو إليه وتشعر أنه من حقها وحقه وابني مقتنع بهذا الشيء جدا ولكنه لا يريد أن يخسر والده وأنا حاولت أن أنصحه بأنها ليست الزوجة المناسبة له وهو يقول لي إن أمرها بدأ برؤيا رآها أن شيخا يرتدي ثيابا بيضاء أمسك بيده ووضعها في يدها وعندما امتنع ابني عن لمسها فرد الشيخ قائلا لا يا بني إنها حلالك ومن هنا بدأت مشاعر الحمية بأنه مسؤول عن هذه الفتاة ولا يعطي بالا لنا ولمشاعرنا بل يقول أنا أفعل الصحيح، والواجب وإذا كانت بنات المسلمين على هذا النحو من لهن فعلينا كمسلمين حماية بنات المسلمين بالزواج منهن وأنا وزوجي نفكر مليا ويشغل بالنا وأحيانا لا نستطيع النوم لما يسببه لنا من قلق وحيرة سألت الله عز وجل أن يبصرني وأن يرشدني ويصبر زوجي وأسأل من حضرتكم أن تدلوني على الطريق الصحيح، مع العلم بأن ابني قد وجد لها عملا شريفا وهي الآن أحسن حالا بكثير من السابق نتيجة دعائنا لها ومشاعر ابني الصادقة نحوها ولا أعلم ما سيحصل إذا حصل الزواج سرا فذلك سيسبب لنا خلافات كثيرة وغضب، والله يكون بعوننا، أرجو الإجابة السريعة؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أحسنتم صنعاً باهتمامكم بهذه الفتاة ورعايتكم إياها وحرصكم على تعليمها أمور دينها، ولكم في ذلك الأجر العظيم من الله بإذن منه سبحانه، ولعل من تمام الإحسان إليها إن كانت ذات دين وخلق، أن توافقوا على زواج ابنكم منها، ولا سيما مع ما ذكرتم من تعلق ابنكم بها، ومعرفته لحالها، واستعداده للصبر عليها وعلاجها والإحسان إليها، ولكن ننبه إلى أنه يشترط إذن وليها بحضوره بنفسه أو توكيل من يتولى تزويجها بتوكيل شرعي موثق.

وأما إن كانت هذه الفتاة غير مرضية الدين والخلق فلا ينبغي له الزواج منها، وينبغي أن تحاولوا إقناعه بشتى السبل، ومن ذلك إبداء حرصكم على مصلحته وبيان الأسباب التي دعتكم إلى رفض زواجه منها، ومن الممكن أيضاً اختيار شخص مناسب ممن يثق فيه، ويقبل كلامه، وليكن رجلاً صالحاً ليقنعه ويبين له وجوب طاعته والديه في هذا الأمر، وأن تلك الرؤيا التي رآها لا يتعلق بها حكم.

ولعل من أهم ما تستعينون به دعاء الله سبحانه، لا سيما وأن دعوة الوالد لولده مستجابة، روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم.

وننبه إلى أمرين:

الأول: أنكم ربما أتيتم من قبل التساهل في أمر الاختلاط، فترتب على ذلك افتتان ابنكم بها، فإن كان الأمر كذلك فالواجب التوبة والحذر في المستقبل.

الثاني: أن الإقامة في بلاد الكفر فيها كثير من المخاطر على المسلم، فلا تجوز إلا لضرورة أو حاجة وتراجع الفتوى رقم: 2007.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني