السؤال
هل صحيح أن عمر بن الخطاب حذف حي على خير العمل من الأذان؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه علم أحداً من الصحابة أن يقول في أذانه (حي على خير العمل) ولكن صح عن بعض الصحابة أنه كان يقولها في أذانه، ولم نقف على نقل صحيح أنه كان يؤذَن بها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وأن عمر بن الخطاب هو الذي أمر بحذفها إلا ما نقله الشوكاني عن بعض أهل البيت حيث قال رحمه الله في نيل الأوطار: وقد ذهب العترة إلى إثباته -حي على خير العمل- وأنه بعد قول المؤذن: حي على الفلاح قالوا: يقول مرتين: حي على خير العمل، ونسبه المهدي في البحر إلى أحد قولي الشافعي وهو خلاف ما في كتب الشافعية فإنا لم نجد في شيء منها هذه المقالة؛ بل خلاف ما في كتب أهل البيت، قال في الانتصار: إن الفقهاء الأربعة لا يختلفون في ذلك يعني في أن حي على خير العمل ليس من ألفاظ الأذان، وقد أنكر هذه الرواية الإمام عز الدين في شرح البحر وغيره ممن له اطلاع على كتب الشافعية، احتج القائلون بذلك بما في كتب أهل البيت كأمالي أحمد بن عيسى، والتجريد والأحكام، وجامع آل محمد من إثبات ذلك مسندا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال في الأحكام: وقد صح لنا أن حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن بها ولم تطرح إلا في زمن عمر، وهكذا قال الحسن بن يحيى، روي ذلك عنه في جامع آل محمد.
وبما أخرج البيهقي في سننه الكبرى بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أنه كان يؤذن بحي على خير العمل أحياناً، وروى فيها عن علي بن الحسين أنه قال: هو الأذان الأول، وروى المحب الطبري في أحكامه عن زيد بن أرقم أنه أذن بذلك، قال المحب الطبري: رواه ابن حزم ورواه سعيد بن منصور في سننه عن أبي أمامة بن سهل البدري، ولم يرو ذلك من طريق غير أهل البيت مرفوعاً، وقول بعضهم: وقد صحح ابن حزم والبيهقي والمحب الطبري وسعيد بن منصور ثبوت ذلك عن علي بن الحسين وابن عمر وأبي أمامة بن سهل موقوفاً ومرفوعاً ليس بصحيح؛ اللهم إلا أن يريد بقوله مرفوعاً قول علي بن الحسين هو الأذان الأول، ولم يثبت عن ابن عمر وأبي أمامة الرفع في شيء من كتب الحديث.
وأجاب الجمهور عن أدلة إثباته بأن الأحاديث الواردة بذكر ألفاظ الأذان في الصحيحين وغيرهما من دواوين الحديث ليس في شيء منها ما يدل على ثبوت ذلك، قالوا: وإذا صح ما روي من أنه الأذان الأول فهو منسوخ بأحاديث الأذان لعدم ذكره فيها، وقد أورد البيهقي حديثاً في نسخ ذلك، ولكنه من طريق لا يثبت النسخ بمثلها. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني