الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم قدرة الواجد للمال على النكاح هل يبيح له القرض الربوي

السؤال

فضيلة الشيخ: أرجو ملاحظة أنه في حالة تجنب أخذ القرض (حتى لو كان من البنك) فإن الشخص سيكون من أشباه المستحيلات عليه الزواج، حيث إن جميع مصاريفه الشخصية لن تكون أقل من مصاريفه بعد الزواج وبالتالي فإنه من المستحيل أن يحفظ الشخص المقدار الكافي من المال للزواج (هذا ما يحصل معي من 3 سنوات منذ بدأت العمل، مع العلم أن راتبي ممتاز ولله الحمد لكني لم أستطع حفظ المال والتوفير للزواج)، وفي كل يوم تزداد حاجتي للزوجة فماذا أفعل، حتى أنه (وحسب عملي) من الصعب علي أن أحصل على القرض بالطريقة التي أختارها (مثل التورق) وأيضاً لم أجد من يقرضني قرضاً حسناً، وإذا استمررت على هذا الحال فإني لا أعتقد أني سأتزوج أبداً.أما بالنسبة للحديث الذي ذكرتموه سالفاً: "درهم ربا يأكله الرجل -وهو يعلم‏- أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية" فإنه يبدو واضحاً عليه أنه موجه إلى من يأكل الربا ليس من يدفعه (فما بالك إذا كان يدفعه وليس لديه خيارٌ ثانٍ)، وأيضاً لا أعتقد أن الآية : {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}، قد تنطبق علي، لأني ولله الحمد غني لكن المال لا يتوفر عندي في ذات الوقت فما العمل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز الاقتراض بالربا لأجل الزواج، لأن الزواج ليس من الضرورات التي تبيح المحرمات، ولا فرق في ذلك بين أن تكون غنياً أو فقيراً، آكلا للربا أو مؤكلا له، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}، وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وسلم: أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه. وقال: هم سواء.

وأما قولك بأن قوله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ {النور:33}، لا يشملك لأنك واجد للمال، فهذا غير صحيح لأنه إذا أمر الفقير الذي لا يستطيع النكاح لفقره بالتعفف حتى يغنيه الله من فضله، ولم يرخص له في الاقتراض بالربا أو غيره من المحرمات لأجل النكاح، فلئن يأمر بذلك الواجد للمال أولى وأحرى، ولا سيما أن عدم قدرة الواجد للمال على النكاح بسبب منه لا يعذر به وهو عدم ترشيد إنفاقه.

ولذا فنصيحتنا لك أن تقتصد في نفقتك وتدخر من راتبك لكي يتسنى لك الزواج، فقد قال صلى الله عليه وسلم: السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءاً من النبوة. رواه الترمذي، وفي سنن النسائي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: كلوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة. وفي مسند الإمام أحمد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما عال من اقتصد. وراجع الفتوى رقم: 13024.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني