الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تفسير قوله تعالى (..ما أتاهم من نذير من قبلك..)

السؤال

هل كان على العرب قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- أتباع دين إسماعيل عليه السلام؟ وإذا كان ذلك صحيحًا فما مدى توافق ذلك مع قوله تعالى " ..... وَلَكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " (القصص 46)؟ إذ الظاهر من الآية أنه لم يكن هناك نذير في العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم.وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كان إسماعيل -عليه السلام- نبياً ورسولاً إلى العرب في مكة وما حولها من جزيرة العرب، قال الله تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا* وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا {مريم:54-55}، قال ابن كثير: وكان إسماعيل عليه السلام رسولاً إلى أهل تلك الناحية وما والاها من قبائل جرهم والعماليق وأهل اليمن.. صلوات الله وسلامه عليه. اهـ.

وعلى ذلك؛ فإنه كان من الواجب عليهم اتباع دينه -عليه السلام-، ولطول الفترة وانقضاء الأجيال نسي الناس دين إبراهيم وإسماعيل -عليهما السلام-، فأصبحوا أهل جاهلية جهلاء لا يوجد فيها من دين إسماعيل إلا تقاليد لا تكاد تذكر.

وما جاء في هذه الآية الكريمة وما أشبهها ليس المقصود به العرب مطلقاً، لأن الله تعالى أرسل لهم عدة رسل قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- منهم هود، وصالح، وشعيب، ولأن الله تعالى يقول: وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلَا فِيهَا نَذِيرٌ {فاطر:24}، وأمة العرب من أعظم أمم الأرض.

والمقصود بالقوم -كما قال غير واحد من أهل التفسير-: قريش ومن حولها من القبائل فهم المخاطبون ابتداء ولم يأتهم نذير قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وأما إبراهيم وإسماعيل فكانا قبل وجود هذه القبائل، فقريش من العدنانيين، وبين عدنان وإسماعيل قرون كثيرة، وكذلك ما بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم ما يقدر بستمائة سنة.

وقال بعضهم: المراد بالقوم في الآية الكريمة المعاصرون للنبي صلى الله عليه وسلم إذ هم الذين يتصور إنذاره لهم دون أسلافهم الماضين، قال الألوسي: ولعله الأظهر، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتويين: 4723، 37485.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني