السؤال
لقد أرسلت لكم هذا السؤال وجاءني رد على أسئلة أخرى قريبة للسؤال الذي طرحته ولكني لم أستفد من الأجوبة عن تلك الاسئلة فأرجو أن تجيبوا على سؤالي هذا إذا أمكن لأني لم أستفد من تلك الأسئلة في الجواب عن سؤالي وجزاكم الله خيراً.
أنا إنسانة والحمد الله بدأت في حفظ القرآن الكريم ولكن تواجهني مشكلة وهي أنني كلما حفظت عددا من السور أرجع كي أراجعها فأجد نفسي قد نسيت جزءا كبيرا منها رغم أني أحفظ مع الشرح وبالأحكام وأفهم جيدا معنى كل آية وأحفظ كل سورة بشكل جيد جدا ولكن عندما أعود بعد بضعة أيام لمراجعتها أجد نفسي قد نسيت وهذا أولا يؤخرني في حفظ القرآن وثانية يضايقني كثيرا لأني سمعت أنه من حفظ آية من القرآن ونسيها سيحاسب عليها مع العلم أني حتى في حياتي العادية سريعة النسيان حتى في مجال دراستي النسيان هو سبب من أسباب عدم تفوقي في الدراسة فماذا أفعل وهل سوف أحاسب على الآيات التي أنساها مع العلم أني أحفظ بمفردي أي دون مساعدة من شيخ أو قارئة للقرآن لأني أعيش في منطقة لا يوجد فيها من يعلم الشابات تلاوة وحفظ القرآن فقد تعلمت الأحكام وبدأت أحفظ وحدي فأرجو أن تفيدوني بهذا الموضوع؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالله نسأل أن يوفقنا وإياك لحفظ كتابه والعمل به.
ثم اعلمي أن أنفع ما يعين على حفظ القرآن بعد الاستعانة بالله وكثرة الدعاء والتضرع هو شحذ الهمة بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الترغيب في حفظ القرآن وتعلمه، وبما ورد في فضل القرآن وحملته، وراجعي لذلك كتاب (التبيان في آداب حملة القرآن) للنووي، ثم الحرص على المراجعة وتعاهد ما حفظتيه والصلاة به في السنن الرواتب وقيام الليل والصلوات المفروضة، لقوله صلى الله عليه وسلم: وإذا قام صاحب القرآن فقرأه بالليل والنهار ذكره، وإذا لم يقم به نسيه. رواه مسلم والبخاري بمعناه.
واجعلي وقتاً للحفظ ووقتا للمراجعة، وبالصبر والاستمرار ولو على القليل ستنجحين إن شاء الله تعالى، وابحثي عمن تقرأين عليه وتتعلمي منه أحكام التلاوة، فإن تعذر فيمكنك الاستعانة ببرامج الكمبيوتر مثل برنامج حفظ القرآن الكريم لشركة حرف الإصدار الثاني، والمصحف المعلم للحصري، كما ننصحك بالابتعاد عن المعاصي، والدعاء بتيسير الحفظ وتثبيته.
والواجب على من حفظ شيئاً من القرآن أن يتعاهده حتى لايتفلت منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها. متفق عليه عن أبي موسى.
قال الحافظ في الفتح: واختلف السلف في نسيان القرآن فمنهم من جعل ذلك من الكبائر، وأخرج أبو عبيد من طريق الضحاك بن مزاحم موقوفاً قال: ما من أحد تعلم القرآن ثم نسيه إلا بذنب أحدثه لأن الله تعالى يقول: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ. ونسيان القرآن من أعظم المصائب. واحتجوا أيضاً بما أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أنس مرفوعاً: عرضت علي ذنوب أمتي فلم أر ذنباً أعظم من سورة من القرآن أوتيها رجل ثم نسيها. وفي إسناده ضعف. ومن طريق أبي العالية موقوفاً: كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم الرجل القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه. وإسناده جيد. ومن طريق ابن سيرين بإسناد صحيح في الذي ينسى القرآن كانوا يكرهونه ويقولون فيه قولاً شديداً. وقال القرطبي: من حفظ القرآن أو بعضه فقد علت رتبته بالنسبة إلى من لم يحفظ، فإذا أخل بهذه الرتبة الدينية حتى تزحزح عنها ناسب أن يعاقب على ذلك، فإن ترك معاهدة القرآن يفضي إلى الرجوع إلى الجهل، والرجوع إلى الجهل بعد العلم شديد. اهـ بتصريف يسير.
ولكن هذا التشديد في نسيان القرآن هو فيمن ترك تعاهده وعقل عنه حتى تفلت، أما من كان يتعاهده مشتغلا به لكنه ينساه لسوء حفظه أو لأمر آخر فهذا لا مؤاخذة عليه؛ إذا لا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
والله أعلم.