السؤال
قال لي زميلى إن هناك رجلا من التبليغ وكان في المسجد فدخل المسجد رجال سكارى بالخمر دون أن يدرون فتركهم الشيخ إلى أن فاقوا وأخذ يدعوهم إلى الله وقال أحدهم أسمع كلامك لكن بشرط أن أكمل زجاجة الخمر فسمح له الشيخ فهل هذا التصرف صحيح لأني أرى أنه من الممكن أن تقبض روحه وهو يكمل الزجاجة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسكران يمنع من دخول المسجد مسلماً كان أو كافراً ولو عبوراً.
قال المرداوي رحمه الله في الإنصاف: يمنع السكران من العبور في المسجد على الصحيح من المذهب.
وقال السيوطي في الأشباه والنظائر: السكران ليس من أهل المقام في المسجد، لأنه لا يجوز إقراره فيه.
إلا أنه إذا ترتب على دخوله مصلحة أكبر من مفسدة دخوله فقواعد الشرع تقتضي عدم منعه حينئذ، وأما سماح هذا الداعية له بشرب الخمر في المسجد فيحتاج أولاً إلى تثبت في ملابسات الحادثة، والحديث الذي دار بينهما، وهل كان بإمكانه منعه وإخراجه مع أصحابه أم لا؟ فإن ثبت أنه سمح له بشربها بمعنى أنه تركه يتم شربه للخمر وكان بإمكانه منعه ثم قام بدعوته بعد ذلك فيمكن حمل هذا على قصده تقديم أعظم المصلحتين وهي دعوته إلى ترك الخمر وبيان مفاسدها وسوء عاقبتها ونحو ذلك، لأن الرجل أبان له أنه لن يسمع منه إلا بعد تمام شربه للخمر ولا سلطان له في منعه منها مطلقاً، لأنه لو قال له: لا تشرب وأخرجه من المسجد لما كان تصرفه هذا مانعاً له من شرب الخمر، بل سيشربها خارج المسجد ولَمَا سمع منه دعوته له إلى الخير، وما دام هذا الشخص سيشربها بكل الأحوال فشربها مع قبوله للدعوة بعد ذلك لعله أنفع له فيتعظ ويتوب من شربها مطلقاً، وإن كان التصرف الأصح أن يقول له: أنا لا أرضى لك بشربها لاسيما في المسجد، لأن الإسلام يمنع من ذلك، ولكن إن أبيت إلا الشرب فهذا راجع إليك، وقد جاء أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان يمر على أناس يشربون الخمر، فيقول له أصحابه: لم لا ننكر عليهم، فيقول ما حاصله: دعوهم ينشغلون به عن قتل المسلمين، وما ذلك إلا مراعاة منه للمصلحة الكبرى.
والله أعلم.