الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقسيم الحصص بين الدلالين

السؤال

في حالة توزيع حصة السمسرة –إذا كان هناك أكثر من وسيط لبيع العقار– فيقول الذي قبض المال: إن عادتي أن آخذ أنا نصف الحصة والباقي توزعونه بينكم كما تشاءون وهو في الحقيقة قد يكون له الربع فقط، وإنما فعل ذلك لأن المال في حوزته؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاختلف أهل العلم في جواز شركة الدلالين بين مجيز لها ومانع، ومحل الخلاف في الشركة التي فيها عقد، أما مجرد النداء والعرض وإحضار الزبون فلا خلاف في جواز الاشتراك فيه.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وقد نص أحمد على جوازها، ووجه صحتها أن بيع الدلال وشراءه بمنزلة خياطة الخياط وتجارة التجار وسائر الأجراء المشتركين... ومأخذ من منع أن الدلالة من باب الوكالة، وسائر الصناعات من باب الإجارة؛ وليس الأمر كذلك.

ومحل الخلاف في شركة الدلالين التي فيها عقد، فأما مجرد النداء والعرض وإحضار الزبون فلا خلاف في جوازه... وموجب العقد المطلق التساوي في العمل، وأمّا باعطائه زيادة في الأجرة بقدر عمل. وإن اتفقوا على أن يشترطوا له زياده جاز.

ويقول ابن القيم: ..... ومن ها هنا منع غير واحد من العلماء كأبي حنيفة وأصحابه -القسامين الذين يقسمون العقار وغيره بالأجرة: أن يشتركوا فإنهم إذا اشتركوا والناس يحتاجون إليهم أغلو عليهم الأجرة... وكذلك اشتراك كل طائفة يحتاج الناس إلى منافعهم كالشهود والدلالين وغيرهم... وأما شركة الدلالين ففيها أمر آخر، وهو أن الدلال وكيل صاحب السلعة في بيعها، فإذا شارك غيره في بيعها كان توكيلاً له فيما وكل فيه، فإن قلنا: ليس للوكيل أن يوكل لم تصح الشركة، وإن قلنا: له أن يوكل صحت.

وأما مسألة الأجرة في شركة الدلالين فإذا صححناها فالأجرة على ما اشترطا أو اشترطوا، وإن لم تصحح كانت أجره المثل، فإن لم يكن شرط فهم فيها سواء.

جاء في الإنصاف في شركة الدلالين: وإن اشتركا ابتداء في النداء على شيء معين أو على ما يأخذان أو على ما يأخذه أحدهما من متاع الناس أو في بيعه صح، والأجرة لهما على ما شرطاه وإلا استويا فيها. انتهى.

وجاء في كشاف القناع: وموجب العقد المطلق في شركة وجعالة وإجارة التساوي في العمل والأجر لأنه لا مرجح لواحد فيستحق الفضل، ولو عمل واحد منهم أكثر ولم يتبرع بالزيادة طالب بالزيادة ليحصل التساوي. انتهى.

ومن خلال ما تقدم تعلمون أنه لا يجوز للشخص المذكور أن يأخذ حصة أكبر من حصة أصحابه لمجرد كونه الحائز للمال، فإن ذلك ظلم بين، لكن إن كان يبذل جهداً زائداً عما يبذلون فإن له أن يأخذ بقدر ما يبذل من جهد.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني