السؤال
بعضهم إذا سمع عن شخص يريد أن يشتري عقارًا، قال: أنا عندي لك عقار آخر، أفضل من هذا، وهو عندي مباشرة.
بعضهم إذا سمع عن شخص يريد أن يشتري عقارًا، قال: أنا عندي لك عقار آخر، أفضل من هذا، وهو عندي مباشرة.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإن سوم المسلم على سوم أخيه بعد التراضي والركون، منهي عنه، كما ينهى عن البيع على البيع؛ لما يؤدي إليه ذلك من إيغار الصدور، وزرع البغضاء، وإثارة النزاع والشحناء، والإخلال بالمروءة، مما يتنافى مع حرص الإسلام على تآلف القلوب، وتقوية الروابط بين المجتمع، والتحلّي بمكارم الأخلاق.
والمراد بالسوم المنهي عنه: أن يركن كل من المتبايعين للآخر، ويتراضيا، ويتفقا على السعر، فيأتي طرف ثالث، فيحاول ثَنْي أحدهما عن الصفقة لصالحه، قال عبد الرحيم العراقي في «طرح التثريب في شرح التقريب»: وَالسَّوْمُ عَلَى السَّوْمِ هُوَ: أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا لِيَشْتَرِيَ بِهِ، فَيَجِيءَ إلَيْهِ غَيْرُهُ، وَيَقُولَ: رُدَّهُ؛ حَتَّى أَبِيعَك خَيْرًا مِنْهُ بِهَذَا الثَّمَنِ، أَوْ يَقُولَ لِمَالِكِهِ: اسْتَرَدَّهُ؛ لِأَشْتَرِيَهُ مِنْك بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا الثَّمَنِ. وَحَمَلَ مَالِكٌ -رَحِمَهُ اللهُ- النَّهْيَ عَنْ الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ عَلَى السَّوْمِ، وَقَدْ ظَهَرَ بِذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ الْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
وَالسَّوْمُ عَلَى السَّوْمِ مُتَّفَقٌ عَلَى مَنْعِهِ إذَا كَانَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الثَّمَنِ وَرُكُونِ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ ذَلِكَ إذَا حَصَلَ التَّرَاضِي صَرِيحًا.
فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ، وَلَكِنْ جَرَى مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، فَفِي التَّحْرِيمِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا يَحْرُمُ.
فَإِنْ لَمْ يَجْرِ شَيْءٌ، بَلْ سَكَتَ، فَالْمَذْهَبُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ، كَمَا لَوْ صَرَّحَ بِالرَّدِّ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمِينَ. انتهى.
والحاصل؛ أن هذا المشتري إن كان قد ركن إلى صاحب العقار، وتراضيا على الثمن، فلا يحلّ لشخص آخر أن يأتي إليه، ويقول له: عندي لك عقار أفضل منه.
وأمّا إن كان ما حصل مجرد سوم ذلك، فلا حرج فيه، وإن كان الأولى تركه حتى يدَع؛ بُعْدًا عن إيغار الصدور.
وأما إن لم يحصل شيء من ذلك، وإنما كان مجرد عزم، فلا حرج فيه إطلاقًا.
ولمزيد من التفصيل، يمكن الاطلاع على الفتوى: 376948.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني