السؤال
أحسن الله إليكم وبارك في علمكم ؟
ورد في حديث عند البخاري رحمه الله، وهذا الحديث جاء في كتاب مناقب ( الأنصار ) والرواية هي خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه بملحفة قد عصب بعصابة دسماء حتى جلس على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن الناس يكثرون ويقل الأنصار حتى يكونوا في الناس بمنزلة الملح في الطعام فمن ولي منكم شيئا يضر فيه قوما وينفع فيه آخرين فليقبل من محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم فكان آخر مجلس جلس به النبي صلى الله عليه وسلم .
السؤال / ما المقصود بقوله يكثر الناس ويقل الأنصار بالتفصيل .
نرجو أن توضح لنا هذا القول . بارك الله فيكم
وجزاكم الله خير .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنحيلك في شرح المقصود بهذه العبارة إلى ما شرحها به الحافظ ابن حجر في كتابه فتح الباري حيث قال: (وَإِنَّ النَّاس سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ) أَيْ أَنَّ الْأَنْصَار يَقِلُّونَ, وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى دُخُول قَبَائِل الْعَرَب وَالْعَجَم فِي الْإِسْلَام وَهُمْ أَضْعَاف أَضْعَاف قَبِيلَة الْأَنْصَار, فَمَهْمَا فُرِضَ فِي الْأَنْصَار مِنْ الْكَثْرَة كَالتَّنَاسُلِ فُرِضَ فِي كُلّ طَائِفَة مِنْ أُولَئِكَ, فَهُمْ أَبَدًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرهمْ قَلِيل, وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِطَّلَعَ عَلَى أَنَّهُمْ يَقِلُّونَ مُطْلَقًا فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ لِأَنَّ الْمَوْجُودِينَ الْآنَ مِنْ ذُرِّيَّة عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب مِمَّنْ يَتَحَقَّق نَسَبه إِلَيْهِ أَضْعَاف مَنْ يُوجَد مِنْ قَبِيلَتَيْ الْأَوْس وَالْخَزْرَج مِمَّنْ يَتَحَقَّق نَسَبه، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ, وَلَا اِلْتِفَات إِلَى كَثْرَة مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ مِنْهُمْ بِغَيْرِ بُرْهَان. وَقَوْله: " حَتَّى يَكُونُوا كَالْمِلْحِ فِي الطَّعَام " فِي عَلَامَات النُّبُوَّة " بِمَنْزِلَةِ الْمِلْح فِي الطَّعَام " أَيْ فِي الْقِلَّة, لِأَنَّهُ جَعَلَ غَايَة قِلَّتهمْ الِانْتِهَاء إِلَى ذَلِكَ, وَالْمِلْح بِالنِّسْبَةِ إِلَى جُمْلَة الطَّعَام جُزْء يَسِير مِنْهُ، وَالْمُرَاد بِذَلِكَ الْمُعْتَدِل.
والله أعلم.