الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكافآت التي لم يقبضها الموظف هل يستحقها إذا استقال

السؤال

أعمل فى شركة قطاع خاص، و قد أقرت إدارة الشركة مكافأة سنوية للموظفين بمقدار متغير للموظف حسب أدائه خلال السنة والذي يتم قياسه طبقاً لعدة عوامل للتقييم، ونص القرار الإداري الخاص بإقرار المكافأة بأنه يتم صرف المكافأة في شهر يناير من العام التالي للعام الذي تصرف عنه المكافأة أي أن مكافأة عام 2004 يتم صرفها في يناير 2005. وقد تم إرجاء صرف هذه المكافأة أكثر من مرة بسبب عدم توفر السيولة المالية اللازمة للصرف ولكن مع التأكيد على صرفها وعدم إلغائها، وإلى الآن لم يتم صرف هذه المكافأة، وقد قام بعض الموظفين منذ شهور بتقديم استقالاتهم من العمل بالشركة وحين طالبوا بالمكافأة كان رد الشركة كما في البيان التالي:“تعليقاً على ما يثار بخصوص المكافأة السنوية لمن يترك الشركة، فكما تعلمون فإن المعروف عرفا كالمشروط شرطاً وهي قاعدة فقهية معروفة، وما جرى عليه العرف في الشركة وفي الشركات المثيلة بالسوق المصري أن من يترك الشركة برغبته قبل صرف المكافأة فإنه لا يستحق المكافأة والتي لا تصرف في المعتاد إلا للحفاظ على انتماء وولاء الموظف للشركة، ولكن حيث إن المكافأة كانت تتضمن التعويض عن ساعات العمل الإضافية، فإن الشركة ستقوم بصرف بدل نقدي عن هذه الساعات التي عملها الموظف الذي يترك الشركة وذلك عن العام الذي كان يستحق عليه المكافأة .وأدعو من يرى أن له حقاً خلاف ذلك أن يقابلني ليبين لي مبرره لهذا الحق”
و بعد صدور هذا البيان حصلت على فرصة عمل في شركة أخرى و قبلتها، وعليه قمت بتقديم استقالتي، وعند تسوية مستحقاتي أوضحت الإدارة أنني لا أستحق هذه المكافأة حيث إنه قد تم إعلام الجميع بالبيان السابق أن المكافأة يتم صرفها للموظفين المستقرين في الشركة و لا يستحقها المستقيلون حيث إنها حافز للموظف على البقاء في العمل، ويرى الموظفون المستقيلون أنه ما دامت المكافأة قد تم إقرارها ولكن الصرف تأخر نظراً للمعوقات المادية فهي أصبحت في حكم الدين الذي يجب الوفاء به حين زوال العسرة وأن العرف يعتد به ما لم يتعارض مع الشرع، ورأي الشركة أن هذا العرف لا يتعارض مع الشرع وأن العبرة بالعرف السائد في السوق والذي تم إعلانه في البيان السابق والذي ينظر إلى المكأفاة كأداة لزيادة انتماء الموظف لكي يظل بالشركة.والسؤال هو: هل يستحق الموظف المكافأة باعتبارها دينا على الشركة واجب السداد عند توفر السيولة المالية، أم هو لا يستحق مكافأة باعتبار ما هو متعارف عليه في أنها لا تصرف إلا للموظف الذي يستمر بالشركة؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه المكافأة إما أن تكون مشروطة في العقد مع الشركة، وإما أن تكون هبة تهبها الشركة لمن أرادت أن تهبها له.

فإذا كانت هذه المكافأة مشروطة عند العقد كجزء من الراتب وكان تحديدها يخضع لموازين محددة واعتبارات منضبطة، فالواجب على الشركة الوفاء بها لعموم الأدلة الدالة على وجوب الوفاء بالعقود، ومنها قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [المائدة :1]

أما إذا كانت معايير وموازين تحديد هذه المكافأة غير منضبطة فإنها لا تعتبر جزءاً من الراتب لعدم انضباطها مما يؤدي إلى جهالتها، والأجرة لا تصح مجهولة، ولا يكون للموظف في هذه الحالة إلا أجر مثله.

وما ذكرناه هنا ينطبق على جميع الموظفين، سواء كان قبل صدور قرار ربط المكافأة بالعرف أم بعده، وإذا لم تكن هذه المكافأة مشروطة، يكون ما تعطيه الشركة للموظف هبة، والهبة لا تملك إلا بالقبض في القول الراجح وهو قول جماهير العلماء، فيكون مرجع تمليكها إلى الشركة بالصورة التي تراها مناسبة، ومما رأته الشركة أن تكون هذه المكافأة لمن يستمر في العمل معها دون من يترك العمل، وهذا حق لها في صورة كون المكافأة ليست جزءاً من الراتب، وراجع الفتوى رقم: 59906.

وأخيراً ننصح بمراجعة أهل العلم في البلد فقد يكونون أدرى منا بحقائق ما يجري في عقود الشركات هناك نصاً أو عرفاً.

والله أعلم.


مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني