الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول للأخت السائلة التي يبدو أنها قد فرطت في بعض الصلوات ولا تدري عدده أن الواجب عليها أولا أن تتوب إلى الله تعالى من التفريط في أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين, ثم تقضي وتحتاط في القضاء فتصلي ما يغلب على ظنها أنه قدر عدد ما عليها من الفوائت, ولا يقدر ذلك بستة أشهر ولا غيرها ؛لأن هذا عدد معلوم والفوائت مجهولة فقد تكون أكثر منه, وكيفية قضاء الفوائت هو أن تصلي كل يوم زيادة على الصلوات الخمس الحاضرة ما تستطيع في أي ساعة من ليل أو نهار، ثم تستمر على ذلك حتى تتيقن أو يغلب على ظنها أنها قد قضت ما فات عليها من الصلوات التي لا تعلم عددها؛ ولو استغرق هذا القضاء سنة أو أكثر، قال ابن قدامة في المغني: إذَا كَثُرَت الْفَوَائِتُ عَلَيْهِ يَتَشَاغَلُ بِالْقَضَاءِ, مَا لَمْ يَلْحَقْهُ مَشَقَّةٌ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَالِهِ, أَمَّا فِي بَدَنِهِ فَأَنْ يَضْعُفَ أَوْ يَخَافَ الْمَرَضَ, وَأَمَّا فِي الْمَالِ فَأَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ, بِحَيْثُ يَنْقَطِعُ عَنْ مَعَاشِهِ, أَوْ يُسْتَضَرُّ بِذَلِكَ. وَقَدْ نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى مَعْنَى هَذَا. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُعِيدُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ. قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ, فِي الرَّجُلِ يُضَيِّعُ الصَّلَاةَ: يُعِيدُ حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ بِمَا قَدْ ضَيَّعَ. وَيَقْتَصِرُ عَلَى قَضَاءِ الْفَرَائِضِ, وَلَا يُصَلِّي بَيْنَهَا نَوَافِلَ, وَلَا سُنَنَهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاتَتْهُ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ , فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ, ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ, ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ, ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ. وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّهُ صَلَّى بَيْنَهُمَا سُنَّةً, وَلِأَنَّ الْمَفْرُوضَةَ أَهَمُّ, فَالِاشْتِغَالُ بِهَا أَوْلَى, إلَّا أَنْ تَكُونَ الصَّلَوَاتُ يَسِيرَةً, فَلَا بَأْسَ بِقَضَاءِ سُنَنِهَا الرَّوَاتِبِ, لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْفَجْرِ, فَقَضَى سُنَّتَهَا قَبْلَهَا. انتهى.
علما بأنها لا تطالب بقضاء الصلاة التي تركت أيام الدورة لأن الصلاة لا تجوز فيها أصلا ,
ولمزيد التوضيح في كيفية قضاء الفوائت راجعي الفتوى رقم: 31107، وللفائدة راجعي الفتوى رقم: 4207، وهذا الاحتياط الذي ذكرنا في قضاء مجهول العدد من فوائت الصلاة يجري في ما فات من الصيام إن جهل عدده سواء في ذلك ما ترك عمدا أو جهلا أو أفسد بالاستمناء بالعادة السرية وما وجب قضاؤه بسبب مجيء الدورة في رمضان , كل هذا يجب عليها قضاؤه فإن أمكن معرفة عدده فلا إشكال؛ وإلا وجب قضاء ما يغلب على الظن أنه محتاط بالجميع.
هذه هي طريقة قضاء فوائت الصلاة والصيام إذا لم يعلم عددها؛ لأنها فرائض ترتبت في الذمة, والذمة لا تبرأ إلا بمحقق، وغلبة الظن مثل اليقين هنا.
لذا فإن على الأخت السائلة أن تتوب إلى الله تعالى من التفريط في فريضة الصيام، وتبدأ بالقضاء فإن استطاعت متابعته كان ذلك أفضل؛ وإلا فرقته حسب الإمكان, هذه هي كيفية القضاء مع التنبيه على أنه لا يجوز تأخير القضاء من غير عذر حتى يأتي رمضان التالي , فإن حصل التأخير من غير عذر لزم إخراج كفارة التفريط مع القضاء، وهي: إطعام مسكين عن كل يوم، وسببها تأخير القضاء من غير عذر حتى يدخل رمضان السنة الثانية.
ولمزيد الفائدة راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 5802، 10044، كما يجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحاً من ممارسة العادة السرية في شهر رمضان وفي غيره. ولتعلم أن الذي يفسد الصوم من ذلك ويجب منه القضاء هو ما ترتب عليه خروج مني.
كما يلزم من الاستمناء الغسل من الجنابة أيضا فإن لم تغتسل من غير عذر لم تصح صلاتها فلتتنبه لذلك, وتراجع للفائدة الفتوى رقم10509, والفتوى رقم7170
والله أعلم.