الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوساطة إذا كانت الشركة المشترية تدفع رشاوى

السؤال

لدي شركة تعمل في مجال الوساطات التجارية وأتجنب ما استطعت الدخول في الشبهات وقد تيسر لي الوساطة بين جهتين لبيع مواد غذائية وهاتان الجهتان هما شركات خاصة وليستا جهات حكومية وبعد الاتفاق على الصفقة أفصح مدير الجهة المشترية أنه سيبيع للجهة الحكومية التي ستفتح الاعتماد مباشرة للبائع وأنه مرتب أموره مع مسؤول هذه الجهة الحكومية بإعطائه نسبة من الأرباح لذلك لن تكون أمامنا عقبات، فانتابني الشك في شرعية الأمر، علماً بأن الرشاوي قد استفحلت كما لا يخفى عليكم في عالم التجارة اليوم ويعلم الله أنني أتلاشى كل ما يعرض لي منها لذا أرجو تحديد موقفي من الناحية الشرعية في هذا الأمر لأنني لا أريد أن أضيق على نفسي واسعاً لو كانت حدود وساطتي بعيدة عما سيقوم به المشتري من رشاوي من خلف الستار مع الجهة الحكومية وذلك لأنني وبصريح القول أعاني تدهورا مالياً في تجارتي وتراكمات للديون بسبب قلة الموارد لأنني دائماً أرفض الدخول في الصفقات التي تحتم على دفع الرشاوي وما أكثرها !! ولو أني أجزت لنفسي التعامل بالرشاوى لكنت منذ زمن أمتلك الملايين، ولكن قناعتي بأن ما عند الله خير وأبقى لذا أفيدوني مأجورين بما ترونه أتقى لله عز وجل في هذه المسألة؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجزاك الله خيرا على تحري الحلال ، ونسأل الله أن يوسع رزقك، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه، وأن يقضي عنك الدين ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

وإذا كان دور شركتك قد اقتصر على الوساطة بين هاتين الشركتين، ولا علم لك قبل التوسط بينهما بالاتفاق الذي بين الشركة المشترية والجهة الحكومية فلا حرج عليك ، لأنك لم تباشر حراما ولم تُعِن عليه .

وأما بالنسبة للصفقات التي يتحتم على شركتك للتوسط فيها دفع رشاوي فاعلم أن الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه أو لدفع ظلم أو ضرر بغير حق فإنها جائزة، والإثم فيها على المرتشي دون الراشي ، قال صاحب تحفة الأحوذي بشرح الترمذي : فأما ما يعطى توصلا إلى أخذ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه ، روي أن ابن مسعود أخذ بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خلي سبيله ، وروي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم .. وفي المرقاة شرح المشكاة : قيل الرشوة ما يعطى لإبطال حق أو لإحقاق باطل ، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو ليدفع به عن نفسه فلا بأس به .. انتهى

وعليه فإذا كانت شركتك أحق بالتوسط من غيرها كأن تكون البضاعة التي تتوسط في بيعها هي الأجود والأوفق ، فلا حرج عليك في دفع هذا المال ، والإثم على الآخذ ، وأما إذا لم تكن أحق بالتوسط من غيرها ، كأن تكون البضاعة التي تتوسط في بيعها مثل بضاعة غيرها أو أقل ، فلا يجوز أن تدفع هذا المال ويكون الإثم عليك وعلى الآخذ سواء ، وراجع الفتوى رقم : 1713 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني