السؤال
أنا فتاة في الـ 25 من عمرها كنت مخطوبة لشخص حسن الخلق ولا أكن له إلا كل احترام، ولكنى كنت لا أريد هذه الزيجة لأني كنت أكن لزميل لي بعضاً من المشاعر، ولكن والدي رفضه فلم أود أن أعصي له أمراً فوافقت على الآخر، ولكني لا أريد أن أخدع أي شخص لعدم قدرتي على التعامل ففسخت خطبتي بعد مصارحتي له الأهم فى الموضوع أني عندما كنت مخطوبة وشاهدت الشقة التي سوف أعيش فيها فشعرت أني مقبوضة وأشعر باختناق غريب وبرر لي الأهل والأصدقاء هذا بسبب أني لا أريد هذه الزيجة، لكن بعد انفصالي بفترة عاد إلي من جديد وبعد تفكير شديد رأيت أني أستطيع أن أدخل فى الموضوع بما يرضي الله وافقت على الارتباط، لكن الغريب أنى لازلت مقبوضة من المكان ولا أطيق المكوث فيه يراودني إحساس بأنه سوف تحدث لي مصيبة أو شيء ما يخيفني فى هذا المكان، فهل هذا بطر أو حرام أو ليس من حقي أن أكون مرتاحة أو يوجد اطمئنان بقلبي عند دخولي منزل الزوجية، حيث إنني طلبت منه تغيير المكان حتى لو بإمكانيات أقل، ولكن أهله رفضوا حيث إنهم غير مقتنعين أن هناك ما يسمى القبضة من المكان وأن هذا حرام علي ويسمى بطرا، فماذا أفعل، وهل هذا حرام أو بطر فعلا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ورد النهي عن التطير كما سبق في الفتوى رقم: 45362، والفتوى رقم: 61432، ولا ينبغي أن يستسلم الإنسان لما يجده في نفسه من التشاؤم، بل يثق بالله تعالى ويعلم أن الأمر كله بيد الله تعالى، وأنه سبحانه النافع الضار، ولكن إن خشي الإنسان ـ من إقدامه على السكن في دار تشاءم منها ـ فساد اعتقاده، بأن يظن بأن الشؤم له فاعلية فيما يجرى عليه من المصائب والإشكالات فخير له أن يترك سكنى تلك الدار حفظاً لمعتقده من الوقوع في الفساد، وفي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما الشؤم في ثلاثة؛ في الفرس والمرأة والدار.
قال الإمام ابن حجر العسقلاني في فتح الباري: قال عبد الرزاق في مصنفه عن معمر سمعت من يفسر هذا الحديث يقول شؤم المرأة إذا كانت غير ولود، وشؤم الفرس إذا لم يغز عليه، وشؤم الدار جار السوء، وروى أبو داود في الطب عن ابن قاسم عن مالك أنه سئل عنه فقال: كم من دار سكنها ناس فهلكوا.... قال ابن العربي لم يرد مالك إضافة الشؤم إلى الدار وإنما هو عبارة عن جري العادة فيها، فأشار إلى أنه ينبغي للمرء الخروج عنها صيانة لاعتقاده عن التعلق بالباطل...
قلت (والقائل هو ابن حجر) وما أشار إليه بن العربي في تأويل كلام مالك أولى وهو نظير الأمر بالفرار من المجذوم مع صحة نفي العدوى والمراد بذلك حسم المادة وسد الذريعة لئلا يوافق شيء من ذلك القدر، فيعتقد من وقع له أن ذلك من العدوى أو من الطيرة فيقع في اعتقاد ما نهي عن اعتقاده فأشير إلى اجتناب مثل ذلك والطريق فيمن وقع له ذلك في الدار مثلا أن يبادر إلى التحول منها لأنه متى استمر فيها ربما حمله ذلك على اعتقاد صحة الطيرة والتشاؤم......
والله أعلم.