السؤال
كنت أستهلك الغاز ولم أكن أنتبه إلي الفاتورة وذات يوم قمت بمراجعة الفاتورة بغرض عفوي هنا شد انتباهي أن حساب الغاز قيمته أدنى بكثير مما استهلكته، فذهبت لفحص العداد فوجدته مسدودا، حينها توجهت إلى مؤسسة الغاز وطرحت لهم المشكل كي يقوموا بإصلاح العداد لأنه من صلاحيتهم وممنوع علينا إصلاحه، جاء بعد ذالك فريق الإصلاح وقالوا لي بأن العداد ليس به شيء ، لكن المشكلة لم تحل بعد وبقيت لحد الآن أستهلك الغاز وذلك بعد إلحاحي على مصالحهم مرات عديدة.
أفتونا أحسن الله إليكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب على المستهلك المتعاقد مع شركة الغاز أن يدفع لها الكلفة الحقيقية للغاز الذي استهلكه حسبما ينص عليه العقد وذلك لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة: 1} ولا يجوز للمستهلك أن يمنع هذا الحق بنفسه أو بخطأ الشركة في حساب ما عليه إلا إذا تنازلت له عنه صراحة أو ضمنا وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه منه. أخرجه الدارقطني وأحمد والبيهقي وغيرهم وصححه الألباني.
ولأن خطأ أحد العاقدين المؤدي إلى ضياع بعض حقه لا يبيح للآخر أخذ ماله بلا مسوغ شرعي، وقد نص الفقهاء على أنه يجب على المشتري أن يرد الزيادة التي يجدها في السلعة إذا كانت لا تزال قائمة، فإن استهلكت أو تلفت أو تعذر ردها وجب عليه رد القيمة.
قال الباجي في المنتقى شرح الموطأ وهو مالكي: روى ابن المواز عن أشهب من اشترى صبرة على أن فيها كيلا سماه فوجدها تزيد فليرد الزيادة، ويلزمه البيع في الباقي، ووجه ذلك أنه لما اشتراها على كيل معلوم كان النقص والزيادة للبائع فكما أنه لو نقصت رجع على البائع، كذلك إذا زادت رد عليه الزيادة. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: وإن وجد في ظرف السمن ربا (انحناء في الإناء يجعل الإناء رابيا إلى الداخل فيضيق حجمه) فقال ابن المنذر: قال أحمد وإسحاق: إن كان سمانا وعنده سمن أعطاه بوزنه سمنا، وإن لم يكن عنده سمن أعطاه بقدر الرب من الثمن، وألزمه شريح بقدر الرب سمنا بكل حال. وقال الثوري: إن شاء أخذ الذي وجده لا يكلف أن يعطيه بقدر الرب سمنا ولنا أنه وجد المبيع المكيل ناقصا فأشبه ما لو اشترى صبرة فوجد تحتها ربوة أو اشتراها على أنها عشرة أقفزة فبانت تسعة، وقد بينا أنه يأخذ الموجود بقسطه من الثمن كذا ها هنا فعلى هذا إنما يأخذ الموجود من السمن بقسطه من الثمن، ولا يلزم البائع أن يعطيه سمنا سواء كان موجودا عنده أو لم يكن فإن تراضيا على إعطائه سمنا جاز. والله أعلم. انتهى.
ولذا فإننا نرى أنه من الواجب عليك أن تسدد قيمة ثمن الغاز الذي استهلكته ولم يقم العداد بحسابه، وذلك بصورة منضبطة صحيحة، فإن تعذر عليك حسابه بصورة منضبطة كان عليك أن تقدره بصورة تقريبية بحيث لا تجور على حق نفسك أو حق الشركة، فإذا لم تقبله الشركة ولم يمكنك وضعه في حسابها البنكي أو إنفاقه في مصالحها تصدقت به في مصالح المسلمين ومنافعهم هذا إذا كنت متيقنا مما ذكرت أما إذا كان الأمر مجرد شك أو وهم فلا داعي لكل ذلك، والأمر في هذا موكول على أهل الخبرة بشأن عدادات الغاز ونحوها، وليس لمجرد ظن أو تخمين من ليس من أهل الخبرة.
والله أعلم.