الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

سؤالي في الزكاة وحقوق إخواني، لقد بدأت العمل لحسابي منذ عشرين عاما في البداية كنت فقيراً وكنزي شهادتي وما حباني به الله من علم في الحاسبات الإلكترونية وحب الناس وفي ذلك الزمن كنت أعول نفسي وزوجتي وأمي وإخوتي الأيتام ولم أوفق في اكتناز المال للأسباب التالية:
1- احتياجات العائلة المتعددة.
2- إنجاز مشاريع للعائلة من زواج وجهاز.
3- تكبير مشروعي الخدماتي التجاري.
مع أني كنت أتصدق على الفقراء والمساكين، بعد كبر إخواني وانتهاء دراستهم قمت بإدخالهم معي في المشروع وزوجتهم وبنيت لهم المساكن واقتنيت لهم السيارات وكتبت لهم الأراضي والمحلات والنخيل لقاء عملهم معي وزيادة من عندي حيث كنا في السابق أيتاما فقراء وأردت أن لا أحرمهم من شيء في حكم المقدور وكنت أفضلهم على نفسي وأبنائي نظراً لكل هذا عند الحول لم أكن أصل حد النصاب في الزكاة وكان هذا الأمر يحزنني وكنت آخذ مبلغا محترما من المال أوزعه على أساس احترازي من الوقوع في منع الزكاة، بعد وفاة الوالدة رحمها الله فرط العقد وكنت حينها في أزمة مالية كبرى حيث وصلت ديوني أكثر من 350 ألف دولار ورهنت جزءا من ممتلكاتي الخاصة، بالنسبة لأخواتي أعطيتهم كتبت لهم سابقا البيت السيارة المحل التجاري الأرض النخيل وزدتهم تجهيزات وبعض الأموال الجارية ولم أبق لنفسي سوى البيت الذي أسكنه وقطعة أرض ملاصقة له وسيارة والمكتب الذي امتلكته عند بدايتي للعمل حيث كانوا هم صغاراً وكذلك تجهيزات العمل والأهم كل الديون، المشكل هل ما أعطيت إخواني هو حلال لهم أم تجب عليه زكاة ومن يزكيها، ثانيا منذ خمس سنوات وأنا أعمل جاهداً لأوفر احتياجات أسرتي ورد الديون لأصحابها ولكن التغيرات التكنولوجية في العمل وتغير بما يوافق طلبات السوق تجبرني على صرف مبالغ كبرى للاستثمار المتواصل النتيجة رد حوالي 80 في المائة من الديون واستثمار حوالي 150 ألف دولار في الأجهزة والمباني وعدم إخراج الزكاة بحجة الديون وعدم وجود سيولة إني خائف جدا من الله وغضبه علي في بداية حياتي كنت أقول لنفسي أن إعالتي أيتاما وأهلهم شرائي لهم لبيوت وغيره لم يترك لي ما أزكي، والآن أقول الديون والاستثمارات المجبر عليها لم تترك لي أمرا، وكذلك لا أعرف كيف أزكي حيث ليست لدي الآن تجارة بل خدمات هل أزكي على رقم الأعمال أو على الأجهزة، كيف السبيل لأطهر نفسي وأموالي وقسمته على أخواتي، هل أزكي كل ما شريت أم ماذا دلوني بارك الله فيكم، ما حكم ما أملك، ما حكم ما أعطيت لإخواني، وهل لا زالت لديهم حقوق عندي، كيف أزكي من الآن وصاعداً، كيف أطهر مالي وأكفر عن خطيئتي، مع العلم بإني كل سنة أخرج مبلغا بنية الزكاة، ولكن غير خاضع لمنطق واضح وحساب دقيق وأتصدق كثيراً ولا أنكر ركن الزكاة؟ المعذب بحق الله وحقوق إخوانه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فبارك الله فيك وجزاك الله خيراً على حسن صنيعك مع إخوانك ومع المحتاجين، فنسأل الله تعالى أن يثيبك ويسددك وييسر أمرك فيما يستقبل من حياتك، أما بالنسبة للزكاة فاعلم، أولاً: أنه لا تجب الزكاة في المال إلا إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول، ويستثنى من ذلك الثمار فإن زكاتها عند حصادها إذا بلغت النصاب وهو خمسة أوسق.

ثانياً: لا زكاة في العروض التي تملكها للقنية كالمسكن والسيارة ونحو ذلك، وإنما تجب الزكاة في العروض التي للتجارة بأن اشتريتها ونويت بها التجارة حين شرائها وكانت معروضة للبيع، سواء كانت مما ينقل كالسيارات -مثلاً- أو ثابتة كالأرض، فإن عليك آخر الحول أن تنظر إلى قيمة ما عندك بما تساويه في السوق، ثم تنظر كم عندك من النقدين -الذهب والفضة- أو ما ألحق بهما من الأوراق النقدية، وكم لك من الديون المرجوة على الناس فتضيفها، وتنظر كم عليك من الديون فتخصمها إن لم يكن عندك ما يقابلها من أموال أخرى غير زكوية، ثم تنظر في الباقي فإن كان نصاباً وجبت عليك زكاته وإلا فلا زكاة عليك، وللمزيد من الفائدة في خصوص هذه النقطة راجع الفتوى رقم: 6336.

وهذه العملية تعملها سنوياً، فإن كنت لا تتذكر بالضبط ما كان يجب عليك زكاته فتحر واجتهد وأخرج ما ترى أن ذمتك تبرأ به عند الله.

هذا وننبه إلى أن الأصول الثابتة التي لا يراد بيعها كتجهيزات المكاتب والمعدات الخدمية لا زكاة فيها، وكذلك البيوت والعقارات التي لا يراد بيع أعيانها وإنما تتخذ للتأجير، كما ننبه إلى أنه لا يحسب ما أخرجته سابقاً إلى الفقراء والمحتاجين، إلا إذا كنت قد نويت به الزكاة، لأن الزكاة عبادة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات. متفق عليه.

فإذا تذكرت ما أخرجته من الزكاة فكمل الباقي إن كانت بقيت عليك زكاة، وهذا غاية ما في وسعك لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وأما ما أعطيته إخوانك فحلال لهم، وتجب زكاة المال الذي أعطيتهم إياه حسب التفصيل السابق.

والخلاصة أنه إذا لم يحل الحول على نصاب من النقد أو من الأموال المعدة للتجارة، فإنه لا زكاة عليك، أما إذا كان الحول ينقضي عليك وأنت تملك النصاب من النقود أو من العروض المعدة للتجارة، فإنه تجب عليك الزكاة على نحو ما سبق أن ذكرنا، وإذا وجبت عليك الزكاة فلا يجزئ عنها ما تخرجه للفقراء والمساكين بغير نية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني