السؤال
ابن عمي توفي وعنده بنت هل ترث هذه البنت من جدها وهو على قيد الحياة ولها من الأعمام اثنان؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد كان أهل العلم يكرهون افتراض المسائل التي لم تقع، فيقول إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى دعوها حتى تقع، وذلك لتغير الأمور والأحوال سيما في باب الفرائض، فمن تفترضه اليوم وارثا قد يصير غدا موروثا، فلا اعتبار للصغر ولا للكبر ولا للصحة ولا للمرض.
فكم من صحيح مات من غير علة * وكم سقيم عاش حينا من الدهر.
ولكن نزولا عند رغبتك وحسبما اتضح من سؤالك فإنك تسأل عن البنت هنا هل ترث من جدها، والجواب أنها لا ترث فهي محجوبة بعميها لأن بنت الابن لا ترث مع وجود الابن ولو لم يكن أباها، قال خليل المالكي في مختصره: وحجبها ابن فوقها أي بنت الإبن، قال الزيلعي في تبيين الحقائق : ولد الابن يحجب بالابن ذكورهم وإناثهم فيه سواء لأن الابن أقرب وهو عصبة فلا يرثون معه بالعصوبة وكذا بالفرض لأن بنات الابن يدلين به فلا يرثن مع أصلهن وإن كان لا يدلين به بأن كان عمهن فهو مساو لأصلهن فيحجبهن كما يحجب أولاده لأن ما ثبت لأحد المثلين ثبت لمساويه ضرورة . انتهى . فلا شيء لبنت الابن هنا مع وجود عميها، بل يأخذان هما جميع المال تعصيبا، ولكن ينبغي أن تعطى أي شيء من التركة، وهذا على سبيل الندب لقول الله تعالى : وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا {النساء:8 }
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الإكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني