السؤال
أريد معرفة الحكم في موضوع الكذب في هذه الحالة، صديقتي فتاة متدينة كثيراً كانت أمنيتها الوحيدة أن تتزوج إنسانا مؤمنا ومتدينا، في يوم تعرفت على شاب يوجد فيه كل صفات الإنسان المتدين وتمنت أن يكون من نصيبها وطبعا هو لا يعرف شيئا، فقط هي تعرفه وهو لا يعرفها، لذلك اضطرت أن تعمل خدعة لا تمس الدين ولا يوجد فيها إغضاب لله تعالى حتى تعرفه بنفسها ومن بعدها تزوجا ويعيشان حياة أساسها التقوى ومخافة الله، ماذا يترتب عليها من وراء ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالكذب مدعاة إلى الفجور ولا يجوز للمسلم الإقدام عليه إلا لضرورة لا يمكنه دفعها إلا به، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً، رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود.
وإنك لم تبيني لنا الخدعة التي عملتها صديقتك، والتي قلت إنها لا تمس الدين ولا يوجد فيها إغضاب لله تعالى، حتى نعرف ما إذا كانت كما ذكرت أم لا، وعلى أية حال، فإن عرض المرأة نفسها على الرجل وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه أو فضله أو علمه، أو غير ذلك من خصال الدين جائز شرعاً، ولا غضاضة فيه، بل هو مما يدل على شرفها، فقد أخرج البخاري من حديث ثابت البناني قال: كنت عند أنس رضي الله عنه وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها واسوأتاه واسوأتاه، قال: هي خير منك، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها. وقد أخرج البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب عرض ابنته حفصة على عثمان بن عفان رضي الله عنه حين تأيمت من خنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه.
وقد عرض الرجل الصالح إحدى ابنتيه على موسى عليه الصلاة والسلام المشار إليه بقوله تعالى: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ {القصص:27}، وعلى أي حال فإن زواج هذا الرجل بها إذا كان مستوفياً لشروط صحة النكاح خالياً من موانعه فإنه نكاح صحيح.
والله أعلم.