الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يقبل بالزكاة التي جاءته بغير طلب منه

السؤال

أنا موظف في إحدى الجمعيات الخيرية التي تجمع التبرعات والزكاة لتحفيظ القرآن الكريم، وقد أمر رئيس جمعيتنا بدفع الزكاة لذوي الحاجة من الموظفين في الجمعية، وكان اسمي من ضمنهم لتدني راتبي، ومع كوني أحمل هم ديون تثقل كاهلي إلا أني لا أرى نفسي أهلا لهذا حيث إنني رجل يأكل من عمل يديه، ويوجد كثير من الفقراء ممن هم أحوج بذلك منا جميعا نحن الموظفين ذوي الرواتب المنخفضة أو المتوسطة الذين خصص لهم هذا السهم من الزكاة.
فما ترون في هذا الأمر؟
أيجوز لي أن آخذ هذا المال الذي أتاني من غير طلب ولا استشراف لسداد بعض من ديوني والتي طالت أمي وزوجي كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول له عمر: أعطه يا رسول الله أفقر مني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خذه فتموله أو تصدق به، وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك)). قال سالم: فمن أجل ذلك كان ابن عمر لا يسأل أحداً شيئاً، ولا يرد شيئاً أعطيه.
أم أني أرد هذا المال ليأخذه من يستحق؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحديث الذي أورده الأخ في سؤاله ليس من الباب الذي يسأل عنه، فسؤال السائل في الزكاة والحديث في عطايا السلطان وحقوق المسلمين في بيت المال وبينهما فرق.

جاء في شرح معاني الآثار: ليس هذا على أموال الصدقات، إنما هذا على الأموال التي يقسمها الإمام على الناس فيقسمها على أغنيائهم وفقرائهم..ثم قال له: خذ فتموله. فدل ذلك أيضا أنه ليس من أموال الصدقات لأن الفقير لا ينبغي له أن يأخذ من الصدقات ما يتخذه مالا، كان ذلك عن مسألة منه أو عن غير مسألة.

وذكر هذا الشوكاني في النيل أيضا ناقلا عن الطحاوي في المصدر السابق.

وبالنسبة للأخ السائل وموقفه من قبول الزكاة نقول إنه إن كان فقيرا أو مسكينا كأن كان يتقاضى راتبا لكنه لا يفي بحاجته، أو كانت عليه ديون لا يستطيع قضاءها وكانت قد لزمته في أمور مباحة فلا حرج عليه في قبولها، وإذا أراد أن يؤثر غيره ممن هو أحوج منه بالزكاة فمستحب، ويشمله عموم قوله تعالى: وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ {الحشر: 9}

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني