الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أحكام التفضيل في العطية

السؤال

والدي يملك - والملك لله - قطعة أرض صغيرة وله من الأبناء الذكور ثمانية والإناث خمسة ووالدتنا متوفاة وله زوج غيرها.هل يجوز أن يسجل هذه الأرض لأبنائه الذكور علما بأن الإناث والزوجة موافقات وجزء كبير من هذه الأرض مشيد عليه بيوت من حر مال الأبناء الذكور ؟
وشكرا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن تسجيل الأب بعض أملاكه لبعض الأولاد دون بعض إذا كان على سبيل الهبة فهو منهي عنه شرعا؛ لما رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن النعمان بن بشير قال : أعطاني أبي عطية فقالت عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال : أعطيت سائر ولدك مثل هذا ؟ قال : لا ، وفي رواية عند النسائي : ألك ولد غيره ؟ قال : نعم ، قال : اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم . قال : فرجع فرد عطيته . وفي رواية لابن حبان : فإني لا أشهد على هذا ، هذا جور ، أشهد على هذا غيري .

فتفضيل بعض الأولاد على بعض في الهبة والعطية جور وظلم ، والذي يظهر من الحديث أن التفضيل ممنوع ولو رضي المحرومون لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل بشيرا عن رضى المحرومين، ولو كان رضاهم معتبرا لسأل، ومن المعلوم أن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزل العموم في المقال.

ولكن نص بعض الفقهاء على أنه لو علم الأب رضى المحروم وخاف عقوق غيره لرقة دينه أو فقره لم يمنع التفضيل؛ كما في تحفة المحتاج لابن حجر الهيتمي رحمه الله : وكذلك إذا كان تسجيل الأب بعض أملاكه لبعض أولاده على سبيل الوصية لم تصح أيضا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث . فإذا مات الأب لم تصح تلك الوصية إلا إذا رضي بقية الورثة المحرومين منها.

وأما بناء الأبناء بيوتا لهم فوق تلك الأرض فإن كان ذلك وقع في حياة الأب وبإذنه فينبغي أن يرجع عليهم بقيمة الأرض التي بنوا عليها بعد وفاة أبيهم أو تخصم من نصيبهم من الميراث إن حكمنا أن الهبة غير ماضية ، وإن كان بناؤهم كان بعد وفاة الوالد ومن غير رضى الورثة فهم معتدون. وانظر أقوال العلماء فيمن بنى في أرض غصبا في الفتوى رقم : 71323 ، والفتوى رقم : 28307 ، وينبغي الرجوع للمحكمة الشرعية عند التنازع .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني