الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحريم الربا معلوم من الدين بالضرورة

السؤال

معي مبلغ من المال أضعه في أحد البنوك التجارية، وأتقاضى فائدة سنوية عن هذا المبلغ.
ما حكم الدين في ذلك؟
علما بأنني لا أستطيع التجارة بهذا المبلغ؛ لقلة خبرتي بهذه الأمور. وإذا تركت المبلغ ضاع مني أو أقرضته أو أنفقته، وليس لي أي مصدر آخر سوى هذا المبلغ. مع العلم أنني أخرج الزكاة الشرعية 2.50% من المبلغ +الفائدة.
كثير من فقهاء المسلمين أحلوا هذا، وآخرون لم يُحلوه.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعليك أن تعلم أن ما تقوم به هذه البنوك هو محض الربا المحرم، فلا يجوز الإيداع فيها ولو مع التخلص من الفائدة؛ لأنه حينئذ إعانة لهم على الربا، وقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة: 2}.
وإذا كنت لا تستطيع أن تستثمر هذا المال بنفسك لقلة خبرتك فلك أن تضعه عند من تثق به ممن كانت له تجربة سابقة يستثمره لك، أو تضعه في بنك إسلامي إن وجد لديكم.
فإن تعذر عليك ذلك وخشيت على مالك الضياع فلك أن تضعه في بنك ربوي لضرورة حفظه، مع اشتراطك عليهم أن يوضع في الحساب الجاري، وعدم مضاربته في صفقاتهم، وعليك زكاته كل حول إن بلغ نصاباً.
فإن اشترطت عليهم عدم مضاربته، فضاربوا به وأخرجوا له فوائد، فلا تتركها لهم؛ لئلا تكون لهم عوناً على ما يقومون به من إثم، بل خذها وادفعها للفقراء والمساكين.

وعليك أن تعلم أن مسألة الربا قد حسمها الله -تعالى- بقوله -عز وجل- في نص صريح، وبأسلوب شديد رادع، وذلك حيث يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 278-279}.
فمن تعامل به بعد ذلك لكون فلان أحله فقد ركب خطراً عظيماً، وفتح جبهة مع الله، ولا قبل لأحد بحرب الله.
ولله در كعب بن مالك حيث يقول:
زعمت سخينة أنْ ستغلب ربها وليُغْلَبن مغُالِب الغلَّاب
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني