السؤال
صديقتي توفيت منذ أسبوعين ولم تكن تعمل أو تملك مالاً خاصا، زوجها كان يشتري لها الحلي من الذهب تلبسه كما أنه ترك بيدها مبلغا من المال بنية ادخاره لاقتناء أرض يبنيان عليها منزلا، الآن هو يريد أن يعلم هل يعتبر هذا المال والحلي ملكا له وحده أم يدخلان في إرث زوجته، وكذلك هل يعتبر ما تركته من ملابسها المستعملة وكتبها وغير ذلك من الأشياء اليومية البسيطة إرثا أم ليست بالأشياء ذات القيمة لتدخل في القسمة، علما بأن المتوفاة قد تركت أما وجدة للأم وأخا وثلاث أخوات كلهم أشقاء وزوجا وابنا وثلاث بنات، فكيف تكون قسمة الميراث عليهم فيما يعتبر ميراثا؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تضمن سؤالك أربعة أمور هي:
1- ما إذا كان الذهب الذي كانت صديقتك تلبسه وقد اشتراه لها زوجها، يعتبر ملكاً له وحده أم أنه يدخل في إرث زوجته.
2- أنه كان قد ترك بيدها مبلغاً من المال بنية ادخاره لاقتناء أرض يبنيان عليها منزلاً، وهو يريد الآن أن يعرف ما إذا كان هذا المال ملكاً له وحده أم أنه يدخل في إرث زوجته أيضاً.
3- ما إذا كانت ملابسها المستعملة وكتبها وغير ذلك من الأشياء اليومية البسيطة تعتبر إرثاً أم أنها يمكن أن لا تدخل في القسمة.
4- كيفية تقسيم هذا الميراث.
وحول النقطة الأولى: فإن الذهب الذي كانت صديقتك تلبسه يعتبر من جملة تركتها، لأنها قد ملكته بما حصل من الحيازة، قال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي رحمه الله تعالى يعدد الأمور التي لا تخل بنفاذ الهبة: وهبة أحد الزوجين للآخر متاعاً... قال الخرشي شارحاً: يعني أن أحد الزوجين إذا وهب لصاحبه متاعا من متاعه فإن الهبة نافذة صحيحة وإن لم يرفع يده عن هبته للضرورة.
وحول النقطة الثانية: فإذا ثبت أن ما تركه بيدها من المال كان بنية ادخاره لاقتناء أرض يبنيان عليها منزلاً، فإنه في هذه الحالة يكون مجرد وديعة، وبالتالي فهو من حقه هو، وليس للورثة فيه حق.
وأما ما تركته من ملابسها المستعملة وكتبها وغير ذلك من الأشياء اليومية البسيطة فإنها تعتبر إرثاً، قلت قيمتها أو كثرت، قال الله تعالى: لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا {النساء:7}، وأما عن كيفية تقسيم التركة، فإن للزوج ربع المال، قال الله تعالى: فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ {النساء:12}، وللأم سدسه، قال الله تعالى: وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ {النساء:11}، وباقي المال يكون بين أولادها، للذكر سهمان وللأنثى سهم، قال الله تعالى: يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ {النساء:11}، وليس للإخوة منه شيء لحجبهم بالابن، ولا للجدة شيء لحجبها بالأم.
ثم إننا ننبه السائل إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.