الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لي أخ من الرضاعة ولي أخ أكبر مني من أمي.. وأخي الذي من الرضاعة أحب أختي الأكبر فهل يجوز له أن يتزوجها هو لم يرضع معها رضع معي ولماذا حدد النبي (صلى الله علية وسلم) خمس رضعات أفتني يا شيخ في هذا الأمر لأن أختي لا تريد الزواج إلا منه وهي الآن على وشك دخول الأربعين كل ما يتقدم لها أحد ترفضه فهي تعلقت به كثيرا وواثقة أن زواجهما يجوز.
جزاك الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في القدر الذي يُحرِّم من الرضاعة، فمنهم من رأى أن لا فرق بين قليلها وكثيرها في التحريم، ومنهم من رأى غير ذلك، وكنا قد بينا أقوالهم وأدلتهم، ورجحان أن أقل من خمس رضعات معلومات لا يحرم. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 9790.

ثم إن من رضع من امرأة اعتبرت أماً له من الرضاعة، واعتبر أولادها وبناتها إخوة وأخوات له من الرضاعة، لا فرق في ذلك بين من رضع معه ومن ولد قبل ذلك أو بعده؛ لأنهم اجتمعوا جميعا على ثدي واحد. فيحرم عليه أن يتزوج أيا من بنات تلك المرأة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب. رواه البخاري، كما أن الرجل الذي نشأ اللبن عن وطئه لهذه المرأة يعتبر أبا لهذا الولد من الرضاعة فيحرم عليه أن يتزوج أيا من بناته ولو كن من غير المرأة التي أرضعتهم.

وأما إخوة الرضيع من النسب فإنهم لا يعتبرون إخوة لإخوته من الرضاعة.

وعليه، فأخوك من الرضاعة إن كان رضع من أمك خمس رضعات فإنه لا يصح أن يتزوج أيا من بناتها.

وإن لم يكن رضع من أمك، وإنما أنت كنت أنت التي رضعت من أمه، فلا حرج في أن يتزوج من أختك إن لم تجمع بينهما رضاعة من جهة أخرى. وكذا إذا كانت رضعاته من أمك أقل من خمس.

وأما سؤالك عن السبب الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يحدد خمس رضعات؟ فجوابه أن ذلك وحي من الله تعالى. وأحكام الشريعة ليست كلها معروفة العلة، ولكن الواجب على المسلم هو أن يعمل بها جميعا، ويعتقد أن لها حكما بالغة، لكن بعضها قد يهتدي بعض الناس إلى وجه الحكمة فيه، وبعضها لا يهتدون إليه.

واعلم أن أختك إذا كانت محرما لخاطبها -حسبما بيناه- فلا يصح أن تتزوج منه، ولو بلغت سن العنوسة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني