الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصلاة خلف من يسخر ممن يرفع يديه في الصلاة

السؤال

في بلدتنا يؤمنا إمام وهو خطيب ليوم الجمعة يرفض الصلاة معنا جماعة بعلّة أنّه يصلي بأهله جماعة مع العلم أنّ المسجد يبعد عن منزله قرابة 350 متر.
كما أنّ له عدّة أخطاء في العقيدة والأحاديث, و يتطاول على المصلّين الملتزمين يالسخرية كقوله مثلا أنّ رفع اليدين أثناء الصلاة غير موجود و لقد شبّهها بطريقة نشّ الذباب خاصة أنّنا نعلم أنّ النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلّي بالرفع (رواه البخاري 735 و مسلم 390).
نرجو من سماحتكم أن تبينوا لنا ما حكمكم في هذا الإمام, و هل تجوز الصلاة وراءه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق في الفتوى رقم: 73966، حكم التخلف عن الصلاة في المسجد بحجة أدائها بالأهل في البيت فنرجو من السائل مراجعتها، فقد ذكرنا كلام أهل العلم فيها بالتفصيل، أما الأخطاء العقدية التي يرتكبها ذلك الشخص فلم يبينها السائل حتى يتسنى لنا الحكم على مرتكبها، وذلك لأن الأخطاء العقدية منها ما هو مكفر لا تصح الصلاة خلف معتقده ومنها غير ذلك.

وأما سخريته بالملتزمين بالسنة فإن كان يستهزئ بهم لتمسكهم بالسنة مع علمه بأن ما يعملونه سنة فيخشى عليه من الكفر والعياذ بالله.

وإن كان عن جهل أو عدم تسليمه بأن ما يعملونه هو السنة فعليه أن يحسن التعامل مع الآخرين ويتعلم حقيقة المسألة وكلام أهل العلم فيها قبل أن يقدم على هذه التصرفات التي لا تليق بمسلم فضلا عن من يتقدم ويؤم الناس ويخطبهم الجمعة، والذي نوصيكم به أن ترفقوا في التعامل معه وتنصحوه بالتي هي أحسن، وتبينوا له الدليل على مشروعية ما سخر منه كرفع اليدين في الصلاة، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يرفع يديه حذو منكبيه، إذا افتتح الصلاة، وإذا كبر للركوع، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك أيضا، وقال: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد.

قال ابن القيم رحمه الله: وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة نحو من ثلاثين نفسا، واتفق على روايتها العشرة ولم يثبت عنه خلاف ذلك البتة بل كان ذلك هديه دائما إلى أن فارق الدنيا.

وفي حالة إصراره على ما هو عليه فالصلاة وراءه مكروهة، وينبغي استبداله بغيره إذا أمكن، وتراجع الفتوى رقم: 53428، فإن لم يمكن فيصلى خلفه ولا تفوت الجمعة والجماعة بسبب مخالفته الشرعية، وقد نص أهل السنة والجماعة على ذلك، قال ابن أبي العز في شرح العقيدة الطحاوية،: فإنه قد صح أن ابن عمر وأنسا رضي الله عنهما كانا يصليان خلف الحجاج وكان الحجاج فاسقا ظالما.

وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطأوا فلكم وعليهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني