الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نفي الولد لمجرد العزل.. رؤية شرعية

السؤال

فضيلة الشيخ: سؤالي ربما يكون غريبا ولكنه هام جدا بالنسبة لي وسوف أختصره بقدر الإمكان، تزوجت زواج (مسيار) وبعد زواجي بستة شهور حملت ثم وضعت... ولكن الأمر أني غير مصدق بهذا الحمل من أساسه.... وذلك لعدة أسباب وهي: عند الجماع أستخدم (عازل) في كل مرة، وقليلا ما يكون الجماع بدون (عازل) وفي هذه الحالة كنت أحرص بأن أجعل (الإنزال) خارج الرحم، وخلال فترة زواجي بهذه المرأة لم أنزل داخل الرحم أبداً حتى لو كنت أستخدم (عازل) ليس لدي (ود) نحو المولودة أبداً، سلوك المرأة غير مضبوط منها عدم الصلاة كثرة خروجها من المنزل وكثرة شرائح الجوال، حيث أفاد ابنها بأن أمه تعرف أو لها علاقات مشبوهة، ولكني غير متأكد هل هذه العلاقات فيها خلوة أم لا، السؤال هو: هل يحق لي بأن أطلب من القاضي إثبات نسب المولود عن طريق التحليل بالإثباتات السابقة، علما بأن المرأة لديها 4 أبناء من زوج سابق، فأفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن الولد منسوب إليك شرعاً لكونك صاحب الفراش، ولكن إذا حصل لديك يقين أو ظن غالب بأنه ليس ابنك ولا من مائك فلا حرج عليك أن تنفيه عنك فلا يلحق بنسبك وذلك بملاعنة المرأة، وليكن الفحص وعمل التحليل قبل الملاعنة، فربما تدفع نتيجته ما في نفسك وتتأكد من كونه ابنك، هذا من حيث الإجمال.

وإليك تفصيل ذلك وهو أن جملة ما اتخذته من الأسباب لا يمنع الحمل يقيناً، ولذا قال صلى الله عليه وسلم للصحابة رضوان الله عليهم لما أخبروه أنهم يعزلون عن السبي: ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة. والحديث في الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد. وفي سنن أبي داود عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي جارية وأنا أعزل عنها، وأنا أكره أن تحمل، وأنا أريد ما يريد الرجل، وأن اليهود تحدث أن العزل موءودة صغرى، قال: كذبت يهود، لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه. فلا يجوز نفي الولد لمجرد العزل أو عدم الشبه، قال خليل في مختصره: ولا يعتمد فيه على عزل ولا مشابهة لغيره وإن بسواد. وكذا في تحفة المحتاج للهيتمي وغيرها، وقيل: يجوز مع العزل إن تيقن عدم حصول شيء من المني داخل الرحم؛ كما ذكر ابن نجيم في البحر الرائق وغيره.

وأما عدم شعورك بالمودة نحوه فليس دليلاً كافياً لنفيه؛ بل لا يجوز نفيه لمجرد ذلك، لكن إن جزمت بعدم بنوته لمجموع تلك القرائن من عزل وعدم عفة المرأة ونتيجة الفحص فيمكنك ملاعنتها ونفيه عنك فلا ينسب إليك، فقد نص أهل العلم على أن للزوج نفي الولد إذا علم أو ظن ظناً مؤكداً أنه ليس ابنه. كما هو مقتصى كلام الشربيني في مغني المحتاج.

وأما مجرد الشك والظن الضعيف فلا يجيز ذلك، ويجب الحذر كل الحذر من الوعيد الشديد الذي بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الجنة، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين. رواه أبو داود والدارمي في سننه وصححه ابن حبان. وفي عون المعبود شارحاً لهذا الحديث: جحد ولده: أي أنكره ونفاه، وهو ينظر إليه أي الرجل ينظر إلى الولد، وهو كناية عن العلم به بأنه ولده أو الولد ينظر إلى الرجل، ففيه إشعار إلى قلة شفقته ورحمته وقساوة قلبه وغلظته، احتجب الله عنه: أي حجبه وأبعده من رحمته، وفضحه أي أخزاه على رؤوس الأولين والآخرين. وانظر لذلك الفتوى رقم: 33660، والفتوى رقم: 7424.

ولمعرفة حكم تارك الصلاة والمتهاون بها وكيفية تعامل الزوج مع زوجته حينئذ تراجع الفتوى رقم: 1145، والفتوى رقم: 10370.

وعليك أن تعلم أن المرأة التي تخرج بدون إذن الزوج ويظن بها أنها غير عفيفة على النحو الوارد -في السؤال- لا تصلح زوجة لك ما لم تتب مما تفعله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني