الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        المسألة الثالثة : في جواز تخصيص العمومات

                        اتفق أهل العلم - سلفا وخلفا - على أن التخصيص للعمومات جائز ، ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد به ، وهو معلوم من هذه الشريعة المطهرة ، لا يخفى على من له أدنى تمسك بها ، حتى قيل : إنه لا عام إلا وهو مخصوص إلا قوله تعالى : والله بكل شيء عليم قال الشيخ علم الدين العراقي ليس في القرآن عام غير مخصوص إلا أربعة مواضع :

                        أحدها : قوله حرمت عليكم أمهاتكم فكل ما سميت أما من نسب أو رضاع أو من أم أم ، وإن علت فهي حرام .

                        ثانيها : قوله كل من عليها فان ، فإن كل نفس ذائقة الموت ، ثالثها : قوله تعالى والله بكل شيء عليم .

                        [ ص: 413 ] رابعها : قوله والله على كل شيء قدير .

                        واعترض على هذا : بأن القدرة لا تتعلق بالمستحيلات ، وهي أشياء ، وقد ألحق بهذه المواضع الأربعة قوله تعالى : وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها .

                        وقد استدل من لا يعتد به بما لا يعتد به ، فقال : إن التخصيص يستلزم الكذب ، كما قال من قال بنفي المجاز : إنه ينفي فيصدق في نفيه .

                        ورد ذلك : بأن صدق النفي إنما يكون بقيد العموم ، وصدق الإثبات بقيد الخصوص ، فلم يتوارد النفي والإثبات على محل واحد .

                        وما قالوه : من أنه يلزم البداء مردود بأن ذلك إنما يلزم لو أريد العموم الشامل لما خصص ، لكنه لم يرد ابتداء ، وإنما أريد الباقي بعد التخصيص ، وقد قيد بعض المتأخرين خلاف من خالف في جواز التخصيص ، ممن لا يعتد به بالأخبار لا بغيرها من الإنشاءات ، ومن جملة من قيده بذلك الآمدي .

                        وعلى كل حال ، فهو قول باطل ، ومذهب عن حلية التحقيق والحق عاطل .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية