الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        المسألة الخامسة : في حقيقة المخصص

                        اختلفوا في المخصص على قولين ، حكاهما القاضي عبد الوهاب في الملخص ، وابن برهان في الوجيز :

                        أحدهما : إنه إرادة المتكلم ، والدليل كاشف عن تلك الإرادة .

                        وثانيهما : إنه الدليل الذي وقع به التخصيص .

                        واختار الأول ابن برهان ، وفخر الدين الرازي في محصوله ، فإنه قال : المخصص في الحقيقة هو إرادة المتكلم ; لأنها المؤثرة ، ويطلق على الدال على الإرادة مجازا .

                        وقال أبو الحسين في المتعمد : العام يصير عندنا خاصا بالأدلة ، ويصير خاصا في نفس الأمر بإرادة المتكلم .

                        والحق أن المخصص حقيقة هو المتكلم ، لكن لما كان المتكلم يخصص بالإرادة أسند التخصيص إلى إرادته ، فجعلت الإرادة مخصصة ، ثم جعل ما دل على إرادته ، وهو الدليل اللفظي أو غيره مخصصا في الاصطلاح ، والمراد هنا إنما هو الدليل ، فنقول : [ ص: 417 ] المخصص للعام إما أن يستقل بنفسه ، فهو المنفصل ، وإما أن لا يستقل بل يتعلق معناه باللفظ إلى قبله ، فهو المتصل .

                        فالمنفصل سيأتي إن شاء الله .

                        وأما المتصل : فقد جعله الجمهور أربعة أقسام ؛ الاستثناء المتصل ، والشرط ، والصفة ، والغاية ، وزاد القرافي ، وابن الحاجب بدل البعض من الكل ، ونازع الأصفهاني في ذلك قائلا : إنه في نية طرح ما قبله .

                        قال القرافي : وقد وجدتها بالاستقراء اثني عشر :

                        هذه الخمسة ، وسبعة أخرى ، وهي الحال ، وظرف الزمان ، وظرف المكان ، والمجرور مع الجار ، والتمييز ، والمفعول معه ، والمفعول لأجله ، فهذه اثنا عشر ، ليس فيها واحد يستقل بنفسه ، ومتى اتصل بما يستقل بنفسه عموما كان أو غيره صار غير مستقل بنفسه .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية