وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، قال: حدثني ابن إسحاق يزيد بن زياد مولى بني هاشم، عن قال: حدثت محمد بن كعب أن عتبة بن ربيعة، وكان سيدا حليما قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وحده في المسجد: يا معشر قريش، ألا أقوم إلى هذا فأكلمه فأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل منا بعضها ويكف عنا؟ قالوا: بلى يا فقام أبا الوليد، عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، فيما قال له عتبة، وفيما عرض عليه من المال والملك وغير ذلك حتى إذا فرغ عتبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفرأيت يا أبا الوليد؟" قال: نعم , قال: "فاسمع مني" قال: أفعل [ ص: 205 ] .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليه فلما سمعها عتبة أنصت لها وألقى بيديه خلف ظهره معتمدا عليهما يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة فسجد فيها , ثم قال: "سمعت يا قال: سمعت. أبا الوليد؟"
قال: فأنت وذاك.
فقام عتبة إلى أصحابه، فقال بعضهم لبعض: نحلف بالله لقد جاءكم بغير الوجه الذي ذهب به، فلما جلس إليهم، قالوا: ما وراءك يا أبو الوليد قال: أبا الوليد؟ ورائي أني والله قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط، والله ما هو بالشعر ولا السحر ولا الكهانة.
يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي.
خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه، واعتزلوه، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت نبأ، فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وكنتم أسعد الناس به.
قالوا: سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه فقال: هذا رأيي لكم فاصنعوا ما بدا لكم، ثم ذكر شعرا قاله أبو طالب يمدح عتبة فيما قال.