الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق قال: " وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة، ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها، وتضاربهم إياه بشيء تجعل لهم منه وكانت قريش قوما تجارا فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه، وعظم أمانته، وكرم أخلاقه بعثت إليه، فعرضت عليه أن يخرج في مالها تاجرا إلى الشام، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله منها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخرج في مالها ذلك، ومعه غلامها ميسرة حتى قدم الشام، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريب من صومعة راهب من الرهبان، فاطلع الراهب إلى ميسرة، فقال: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال له ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي، [ ص: 67 ] ثم باع رسول الله صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها، فاشترى ما أراد أن يشتري، ثم أقبل قافلا إلى مكة ومعه ميسرة، فكان ميسرة - فيما يزعمون - إذا كانت الهاجرة واشتد الحر يرى ملكين يظلانه من الشمس وهو يسير على بعيره فلما قدم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به، فأضعف أو قريبا.

                                        وحدثها ميسرة عن قول الراهب، وعما كان يرى من إظلال الملكين إياه.

                                        وكانت خديجة امرأة حازمة شريفة لبيبة، مع ما أراد الله تعالى بها من كرامته فلما أخبرها ميسرة عما أخبرها به، بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت له فيما يزعمون: يا ابن عم، إني قد رغبت فيك؛ لقرابتك مني، وشرفك في قومك ووسيطتك فيهم وأمانتك عندهم، وحسن خلقك، وصدق حديثك، ثم عرضت عليه نفسها , وكانت خديجة يومئذ أوسط قريش نسبا، وأعظمهم شرفا، وأكثرهم مالا، وكل قومها قد كان حريصا على ذلك منها لو يقدر على ذلك.


                                        وهي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ".

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية