[ ص: 213 ] باب ذكر وما في ذلك من وعظ رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه حتى ألقى الله عز وجل في نفسه الإيمان بما قال إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه،
حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاء ,، قال: حدثنا قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، محمد بن إسحاق قال: حدثني رجل من أسلم وكان واعية " أن أبا جهل اعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا، فآذاه وشتمه، ونال منه ما يكره من العيب لدينه، فذكر ذلك لحمزة بن عبد المطلب، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه , رفع القوس فضربه بها ضربة شجه منه شجة منكرة، وقامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل منه، فقالوا: ما نراك يا حمزة إلا قد صبأت، فقال حمزة: وما يمنعني وقد استبان لي منه.
أنا أشهد أنه رسول الله، وأن الذي يقول حق، فوالله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين، فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة فإني والله لقد سببت ابن أخيه سبا قبيحا.
فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولون منه، وقال حمزة في ذلك شعرا.
قال ثم [ ص: 214 ] رجع ابن إسحاق: حمزة إلى بيته، فأتاه الشيطان، فقال: أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ، وتركت دين آبائك، للموت خير لك مما صنعت، فأقبل على حمزة بثه فقال: ما صنعت؟ اللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا.
فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان حتى أصبح، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أخي إني قد وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه، وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد هو أم غي شديد، فحدثني حديثا، فقد اشتهيت يا ابن أخي أن تحدثني.
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، ووعظه، وخوفه، وبشره، فألقى الله في نفسه الإيمان بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أشهد أنك الصادق شهادة الصدق.
فأظهر يا ابن أخي دينك، فوالله ما أحب أن لي ما أظلت السماء، وأني على ديني الأول، فكان حمزة رضي الله عنه ممن أعز الله عز وجل به الدين ".