16856 - وبسط الكلام فيه ، ثم قال: ثم جاء من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه ، وحمل الخبر الذي رويناه في هذا الباب على أنه إنما أمر بقتله لأنه كان قد استحله ، فصار به مرتدا محاربا.
16857 - واحتج بما روينا في ، حديث يزيد بن البراء عن أبيه ، قال لقيت عمي ومعه راية ، فقلت: أين تريد؟ قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه ، فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله".
16858 - وبحديث ، عن أبيه ، معاوية بن قرة أن "النبي صلى الله عليه وسلم بعث جد معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه أن يضرب عنقه ، ويخمس ماله" .
16859 - قال: فدل على أنه كان مرتدا محاربا ، لأن المرتد الذي لم يحارب لا يخمس ماله .
16860 - وهذا الذي ذكره ليس في الحديث منه شيء لا الاستحلال ولا المحاربة ، ولو جاز دعوى الاستدلال في هذا لجاز مثلها في زنا من رجم لأن أهل الجاهلية كانوا يستحلون الزنا .
16861 - وفي حديث أبي الجهم عن البراء ، "أنهم أطافوا بقبة ، فاستخرجوا رجلا" فأين المحاربة هنا؟ ثم إن كان الأمر على ما قال من الاستحلال فهو حجة عليه في أن مال المرتد لا يكون لورثته ، وتخميسه لا ينافي مذهب فإنه يوجف الخمس فيما أوجف عليه من الغنيمة ، وفيما لم يوجف عليه من أموال الفيء . الشافعي
16862 - قال : الخمس ثابت لأهله في كل ما أخذ من مشرك غنيمة كانت أو فيئا ، والفيء ما رده الله على أهل دينه من مال من خالف دينه . الشافعي
16863 - قال وإن كان فعله على وجه الاستحلال ، فهو حجة عليه في [ ص: 322 ] وجوب الحد عليه ، وقول الراوي: "إلى رجل نكح امرأة أبيه" يدل على العقد ، وقول الآخر: "إلى رجل عرس بامرأة أبيه" يدل على الدخول . أحمد:
16864 - وقد ذهب بعض أهل العلم إلى ظاهر الخبر في إيجاب القتل به بكل حال لعظيم التحريم ، وذهب بعضهم إلى أن ذلك كان قبل نزول الحدود في سورة النور قبل بيان النبي صلى الله عليه وسلم رجم الثيب الزاني ، فلما نزلت وبين ذلك صار الأمر إلى ذلك قالوا: ثم أنه إنما نسخ منه كيفية القتل ، فأما أصل وجوب القتل فإنه لم يقم دلالة إلى نسخه فهو باق على الوجوب ، والله أعلم.
[ ص: 323 ]