فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما بها جميعا في وقت الآخرة منهما ، غير أن أهل العلم قد اختلفوا كيف يصليهما ، أبأذانين وإقامتين ، أو بأذان وإقامة واحدة ؟ أو بإقامة واحدة بلا أذان ؟ فكان بعضهم يقول : يصليهما بأذانين وإقامتين ، وقد روي هذا القول عن وينبغي للحاج أن يصلي المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا جامعا بينهما في وقت الآخرة منهما ، وعن عمر بن الخطاب ، رضي الله عنهما : عبد الله بن مسعود
1413 - حدثنا إبراهيم بن أبي داود بن عبد الله بن يونس ، قال حدثنا ، عن إسرائيل بن يونس ، عن منصور إبراهيم ، أنه صلى مع الأسود [ ص: 147 ] صلاتين مرتين بجمع ، كل صلاة بأذان وإقامة ، والعشاء بينهما . عمر بن الخطاب عن
1414 - حدثنا علي بن شيبة ، قال حدثنا عبد الله بن موسى العبسي ، قال حدثنا ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، قال : عبد الرحمن بن يزيد إلى عبد الله بن مسعود مكة ، فلما أتى جمعا صلى الصلاتين كل واحدة منهما بأذان وإقامة ، ولم يصل بينهما : خرجت مع
وأما ما رويناه عن رضي الله عنه في هذا ، فيحتمل أن يكون أذن وأقام للآخرة منهما من أجل العشاء الذي كان جعله بينهما ولا ندري كيف كان يذهب إلى الجمع بينهما بلا فاصل بينهما من عشاء ، ولا غيره ، أهو بأذانين وإقامتين ؟ أو بأذان وإقامتين ؟ أو بإقامة لا أذان معها ؟ . عمر بن الخطاب
وأما ففي حديثه الذي رويناه عنه ، أنه لم يصل بينهما ، وقد يحتمل أن يكون لم يصل بينهما ، ولكنه يغشى بينهما كما فعل عبد الله بن مسعود فأذن وأقام للثانية منهما كذلك ، ولأنه قد خرج بما فعله بينهما من الجمع بينهما الذي من أجله سقط عنه التأذين والإقامة للآخرة منهما ، أو التأذين لها خاصة ، وعاد ذلك من حكمهما بمزدلفة إلى حكمهما في سائر الأماكن سواها فلم يكن في حديث عمر بن الخطاب ، هذا ما يدلنا على كيفية الجمع بينهما ، فلا فاصل يفصل به بينهما من صلاة ومن عشاء ومن غيرهما فنظرنا في ذلك فوجدنا : ابن مسعود يونس بن عبد الأعلى :
[ ص: 148 ] 1415 - قد حدثنا ، قال أخبرنا ، عن سفيان بن عيينة عن أبي إسحاق الهمداني ، ، قال : عبد الرحمن بن يزيد يجعل العشاء بالمزدلفة بين الصلاتين ابن مسعود فعاد بذلك معنى حديث كان هذا إلى معنى حديث ابن مسعود الذي رويناه قبله ولم يكن في حديث واحد منهما دليل على كيفية جمع الصلاتين بمزدلفة بلا فاصل بينهما من عشاء ولا من غيره . عمر
وكان بعضهم يقول : يصليهما بإقامة واحدة بلا أذان وممن كان يقول بهذا القول سفيان بن سعيد الثوري .
حدثنا مالك بن يحيى الهمداني ، قال حدثنا ، عن أبو النضر هاشم بن القاسم الأشجعي ، عن سفيان ، بهذا القول وقد روي فيما يوافق ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما :
1416 - قد حدثنا ، قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو عامر العقدي ، شعبة الحكم ، أنه صلى مع بجمع المغرب ثلاثا ، والعشاء ركعتين بإقامة واحدة ، ثم حدث أن سعيد بن جبير صنع مثل ذلك ، وحدث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل ذلك في ذلك المكان . ابن عمر عن
1417 - وما قد حدثنا ، قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثني شعبة الحكم بن عيينة ، قالا : وسلمة بن كهيل ، بإقامة المغرب ثلاثا ، فلما سلم قام ، فصلى العشاء ركعتين ، ثم حدث عن سعيد بن جبير أنه صنع بهم في ذلك المكان مثل ذلك ، وحدث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صنع بهم في ذلك المكان مثل ذلك . ابن عمر صلى بنا
1418 - وما قد حدثنا ، قال حدثنا حسين بن نصر ، قال حدثنا أبو نعيم ، عن سفيان الثوري سلمة ، عن ، عن سعيد بن جبير ، قال : ابن عمر صلى رسول الله [ ص: 149 ] صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة .
1419 - وما قد حدثنا ، قال حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال حدثنا أبو عامر سفيان ، عن ، عن أبي إسحاق ، قال : عبد الله بن مالك المغرب ثلاثا ، والعشاء ركعتين بإقامة واحدة ، فقيل له : يا أبا عبد الرحمن ، ما هذا ؟ قال صليتهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان بإقامة واحدة . ابن عمر صليت مع
1420 - وما قد حدثنا ، قال : سمعت حسين بن نصر ، قال أخبرنا يزيد بن هارون ، فذكر بإسناده مثله . سفيان بن سعيد
1421 - وما قد حدثنا يونس ، قال حدثنا سفيان ، عن ، عن ابن أبي نجيح ، قال : حدثني أربعة كلهم ثقة ، منهم مجاهد ، سعيد بن جبير وعلي الأزدي ، عن ، ابن عمر أنه صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة بإقامة واحدة .
ففي هذه الآثار عن ، أنه جمع بين الصلاتين بمزدلفة بإقامة واحدة ، وأنه حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلاهما بها كذلك وقد يحتمل أن يكون أذن معهما ، ولم ينقل إلينا في هذه الآثار فنظرنا في ذلك فوجدنا ابن عمر روح بن الفرج .
1422 - قد حدثنا ، قال : قال حدثنا عمرو بن خالد ، ، قال حدثنا زهير بن معاوية عن أبو إسحاق ، عبد الله بن مالك بن الحارث ، قال : بالمزدلفة صلاة المغرب بإقامة واحدة ليس معها أذان ثلاث ركعات ، ثم قال الصلاة ، ثم قام ، فصلى العشاء ركعتين ، ثم سلم ، فقال له عبد الله بن عمر خالد بن مالك الحارثي : ما هذه الصلاة يا أبا عبد الرحمن ؟ قال : صليت هاتين الصلاتين مع النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المكان ليس معها أذان . صلى
[ ص: 150 ] وكان في هذا الحديث ما قد كشف المعنى الذي قد طلبناه ، وثبت به من حديث ما قال ابن عمر مما قد حدثناه عنه ، ونظرنا فيه أيضا ، فوجدنا سفيان الثوري يونس بن عبد الأعلى :
1423 - قد حدثنا ، قال حدثنا ، قال : حدثني عبد الله بن وهب عن ابن أبي ذئب ، ، عن ابن شهاب ، عن أبيه ، سالم بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا لم يناد في واحدة منهما إلا بالإقامة ، ولم يسبح بينهما ، ولا على إثر واحدة منها .
ووجدنا إسماعيل بن يحيى المزني :
1424 - قد حدثنا ، قال حدثنا ، عن محمد بن إدريس الشافعي ، عن عبد الله بن نافع فذكر بإسناده مثله ، غير أنه قال : لم يناد بينهما ، ولا على إثر كل واحدة منهما إلا بإقامة . ابن أبي ذئب ،
وهكذا حفظي عن يونس ، عن ، غير أني وجدت في كتابي عن ابن وهب يونس كما قصصته في الحديث الذي قبل هذا .
ووجدنا أبا بكرة :
1425 - قد حدثنا ، قال حدثنا ، قال حدثنا أبو عامر عن ابن أبي ذئب ، ، عن الزهري سالم ، عن أبيه : أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاتين لم يناد في واحدة منهما إلا بالإقامة ، ولم يسبح بينهما .
فكان حديث هذا عن سالم بن عبد الله في نفي الأذان من الصلاتين بمزدلفة كحديث ابن عمر مالك بن الحارث الذي رويناه قبله . 50 [ ص: 151 ] وقد روي عن أبي أيوب ، الأنصاريين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى هاتين الصلاتين بمزدلفة كذلك أيضا . والبراء بن عازب
1426 - حدثنا محمد بن خزيمة ، قال حدثنا محمد بن عمر بن رومي ، قال حدثنا قال أخبرنا قيس بن الربيع ، غيلان ، عن عن عدي بن ثابت الأنصاري ، عبد الله بن يزيد الأنصاري ، قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بإقامة واحدة ، يعني بمزدلفة .
1427 - حدثنا ، قال حدثنا ابن أبي داود قال أخبرنا عمرو بن عون الواسطي ، عن أبو يوسف ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عدي بن ثابت ، ، عن عبد الله بن يزيد البراء بن عازب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى بالمزدلفة المغرب والعشاء بإقامة واحدة .
وكان بعضهم يقول : يصليهما بإقامتين بلا أذان ، ويحتجون في ذلك بما :
1428 - قد حدثنا قال حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب مولى ابن عباس أنه سمعه يقول : أسامة بن زيد ، دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة ، حتى إذا كان بالشعب نزل ، فبال ، ثم توضأ ، فلم يسبغ الوضوء ، فقلت له : الصلاة ؟ فقال : الصلاة أمامك ، فركب حتى جاء مزدلفة ، فنزل ، فتوضأ ، فأسبغ الوضوء ، ثم أقيمت الصلاة ، فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في مزدلفة ، ثم أقيمت العشاء ، فصلاها ، لم يصل بينهما شيئا .
ففي هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما بإقامتين ، غير أن [ ص: 152 ] فيه أن كل إنسان منهم أناخ بعيره في منزله بين الصلاتين ، فقد يجوز أن تكون حاجته إلى الإقامة للصلاة الثانية كانت ، لأن الناس لما تشاغلوا عن الصلاة الثانية بإناخة إبلهم في منازلهم ، خرجوا بذلك من حكم الجامعين بين الصلاتين ، فأقاموا الصلاة ليتركوا ما هم فيه ، ويرجعوا إلى الصلاة الثانية حتى يصلوها ، فليس في هذا ما يدل على كيفية الجمع بينهما لو لم يكن بينهما تشاغل بغيرهما :