مفتي عبد العزيز بن الماجشون، المدينة وعالمها مع مالك
386 - فصح عن "أنه سئل عما جحدت به ابن الماجشون الجهمية فقال: أما بعد: فقد الجهمية في صفة الرب العظيم، الذي فاتت عظمته الوصف والتقدير، وكلت الألسن عن تفسير صفته، وانحسرت العقول دون معرفة قدره، فلم تجد العقول مساغا، فرجعت خاسئة حسيرة، وإنما أمروا بالنظر والتفكير فيما خلق، وإنما يقال "كيف" لمن لم يكن مرة ثم كان، أما من لا يحول، ولا يزول، ولم يزل، وليس له مثل; فإنه لا يعلم كيف هو إلا هو - إلى أن قال - فالدليل على عجز العقول عن تحقيق صفته عجزها عن تحقيق صفة أصغر خلقه، لا [ ص: 142 ] تكاد تراه صغرا يحول ويزول، ولا يرى له بصر ولا سمع، فاعرف غناك عن تكليف صفة ما لم يصف الرب من نفسه، بعجزك عن معرفة قدر ما وصف منها. فهمت ما سألت عنه، فيما تتابعت
فإذا لم تعرف قدر ما وصف، فما تكلفك علم ما لم يصف، هل تستدل بذلك على شيء من طاعته، أو تنزجر به عن شيء من معصيته؟. فأما الذي جحد ما وصف الرب من نفسه تعمقا وتكليفا فقد استهوته الشياطين في الأرض حيران فعمي عن البين بالخفي، ولم يزل يملي له الشيطان حتى جحد قوله تعالى: ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ) فقال: لا يرى يوم القيامة! وقد قال المسلمون لنبيهم - صلى الله عليه وسلم - : الحديث. هل نرى ربنا يا رسول الله؟ فقال: هل تضارون في رؤية الشمس".
إلى أن قال: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وقال "لا تمتلئ النار حتى يضع الجبار فيها قدمه، فتقول قط قط، ويزوى بعضها إلى بعض"، لثابت بن قيس: "لقد ضحك الله مما فعلت بضيفك البارحة". وذكر فصلا طويلا في المعنى.