قال - رضي الله عنه - : أبو حاتم الصبر جماع الأمر، ونظام الحزم، ودعامة العقل، وبذر الخير، وحيلة من لا حيلة له.
وأول درجته الاهتمام، ثم التيقظ، ثم التثبت، ثم التصبر، ثم الصبر.
[ ص: 162 ] ثم الرضا، وهو النهاية في الحالات.
ولقد أنبأنا محمد بن عثمان العقبي ، حدثنا شعيب بن عبد الله البزار ، حدثنا غيلان ، عن معبد ، عن عن أبي المليح، قال: ميمون بن مهران، "ما نال عبد شيئا من جسم الخير من نبي أو غيره إلا بالصبر".
وأنشدني المنتصر بن بلال الأنصاري:
فما شدة يوما، وإن جل خطبها بنازلة إلا سيتبعها يسر وإن عسرت يوما على المرء حاجة
وضاقت عليه كان مفتاحها الصبر
وأنشدني علي بن محمد البسامي:
تعز؛ فإن الصبر بالحر أجمل وليس على ريب الزمان معول
فإن تكن الأيام فينا تبدلت بنعمى وبؤسى، والحوادث تفعل
فما لينت منا قناة صليبة ولا ذللتنا للذي ليس يجمل
ولكن رحلناها نفوسا كريمة تحمل ما لا تستطيع فتحمل
وأنشدنا عمرو بن محمد الأنصاري، أنشدنا الغلابي:
إني رأيت الخير في الصبر مسرعا وحسبك من صبر تحوز به أجرا
عليك بتقوى الله في كل حالة فإنك إن تفعل تصيب به ذخرا
قال - رضي الله عنه - : أبو حاتم فالصبر عن المعاصي، والصبر على الطاعات، والصبر عند الشدائد المصيبات. فأفضلها: الصبر عن المعاصي. الصبر على ضروب ثلاثة:
فالعاقل يدبر أحواله بالتثبت عند الأحوال الثلاثة التي ذكرناها بلزوم الصبر على المراتب التي وصفناها قبل، حتى يرتقي بها إلى درجة الرضا عن الله - جل وعلا - في حال العسر واليسر معا، أسأل الله الوصول إلى تلك الدرجة بمنه.
[ ص: 163 ] وأنشدني عبد الله بن الأحوص:
تعز بحسن الصبر عن كل هالك ففي الصبر مسلاة الهموم اللوازم
إذا أنت لم تسل اصطبارا وخشية سلوت على الأيام مثل البهائم
وليس يذود النفس عن شهواتها من الناس إلا كل ماضي العزائم
وأنشدني ابن زنجي البغدادي:
غاية الصبر لذيذ طعمها وبدي الصبر منه كالصبر
إن في الصبر لفضلا بينا فاحمل النفس عليه تصطبر
وأنشدني الكريزي:
صبرت ومن يصبر يجد غب صبره ألذ وأحلى من جنى النحل في الفم
ومن لا يطب نفسا ويستبق صاحبا ويغفر لأهل الود يضرم ويصرم