ألا يا عسكر الأحيا ء هذا عسكر الموتى أجابوا الدعوة الصغرى
وهم منتظرو الكبرى يحثون على الزاد
وما زاد سوى التقوى يقولون لكم: جدوا
فهذا آخر الدنيا
قال - رضي الله عنه - : إن الله - جل وعلا - أبو حاتم وتغنيهم عن السعي والحركات، مع تعطل الجثث والآلات، ثم تعيدهم إلى الأرض التي منها خلقهم، حتى تأكل لحومهم كما أكلوا أثمارها، وتشرب دماءهم كما شربوا من أنهارها، وتقطع أوصالهم كما مشوا على ظهرها، فالقبر أول منزل من منازل الآخرة، وآخر منزل من منازل الدنيا، فطوبى لمن مهد في دنياه لقبره، وقدم منها لآخرته، فكم عفرت الأرض من عزيز، وأفقدت الغير من أنيس. خلق آدم وذريته من الأرض، فأمشاهم على ظهرها، فأكلوا من ثمارها، وشربوا من أنهارها، ثم لا محالة تنزل [ ص: 288 ] المنية بهم،
حدثني محمد بن إبراهيم الخالدي ، حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثني محمد بن عباس، حدثنا قال: رأيت أعرابيا وقف على مقبرة وهو يقول: إبراهيم بن يزيد،
لكل أناس مقبر بفنائهم فهم ينقصون، والقبور تزيد
وما إن ترى دارا لحي قد أقفرت وقبرا لميت بالفناء جديد
فهم جيرة الأحياء، أما محلهم فدان، وأما المتقى فبعيد
وأنشدني أحمد بن عبد الله الكرجي ، في نفسه: لعمر بن شبة
يا ابن سبعين وعشر وثمان كاملات
غرضا للموت مشغولا بخد مني وهات
ويك لا تعلم ما تلقى به بعد الممات
من صغار موبقات وكبار مهلكات
يا ابن من قد مات من آبائه والأمهات
هل ترى من خالد من ذي طغاة وعتاة؟
إن من يبتاع بالديـ ن خسيسات الحياة
لغبي الرأي محفو ف بطول الحسرات