243 - فصل
[ أهل الذمة من لباس الأردية ] . منع
وأما الأردية فهل يمكنون من لباسها لكون ترك لباسها غير داخل في الشروط ، أو لا يمكنون منه لأنها زي العرب وعادتهم فهي كالعمائم ؟ فقال أبو القاسم الطبري الفقيه الشافعي : ولا يلبسون الأردية ، فإن الأردية من لباس العرب قديما وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتدي والصحابة من بعده ، وهو زي المسلمين وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، ثم ساق الأحاديث في لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم الرداء ثم قال : فلا يمكن ذمي من هذه الأردية .
وعن أحمد بن حنبل وأبي حنيفة : أن أهل الذمة لا يمكنون من الأردية .
[ ص: 1296 ] قال : وأما الطيلسان فهو المغور الطرفين المكفوف الجانبين الملفف بعضه إلى بعض ، فإن العرب لم تكن تعرفه ولا تلبسه ، وهو لباس اليهود والعجم ، والعرب تسميه ساجا .
ويقال : أول من لبسه فيما ذكره جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف : حدثني الزبير بن بكار سعيد بن هاشم البكري ، عن يحيى بن سعيد بن سالم القداح قال : أول قرشي لبس ساجا اشتري له بألفي درهم ، وقال : لا أحسبه إلا قال : من حلوان أو حلولا . جبير بن مطعم
وروي أن رضي الله عنهما أحرم في ساجة ، فهو لباس محدث عند العرب ، وهو من لباس عبد الله بن عباس بني إسرائيل .
ثم ذكر أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الدجال فقال : " يهود أصبهان عليهم الطيالسة " . يتبعه سبعون ألفا من
وقال : نظر أبو عمران الجوبي أنس إلى الناس يوم الجمعة عليهم [ ص: 1297 ] الطيالسة فقال : كأنهم الساعة يهود خيبر ! .
وكان يكره الطيلسان وقال : هو من زي العجم . ابن سيرين
قال : وقد عاب في الصدر الأول على من لبس الطيلسان من المسلمين وشبههم أنس بن مالك بأهل الكتاب .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : " " . من تشبه بقوم فهو منهم
قال : ولا يترك أهل الذمة يلبسون طيالسهم فوق عمائمهم ؛ لأن هذا يفعله أشراف المسلمين وعلماؤهم للتمييز عمن دونهم في العلم والشرف ، وليس أهل الذمة أهلا لذلك فيمنعون منه .
قال : وفي " كتاب عمر " : ولا يلبسون النعلين .
قال : فيمنع أهل الذمة من لبس جميع الأجناس من النعال .
والنعلان هما من زي العرب من آباد الدهر إلى يومنا هذا ، ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبسهما ويستعملهما ، وكذلك الصحابة من بعده .
وقد روي عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " أمرت بالنعل والخاتم .
[ ص: 1298 ] ثم ساق من طريق ، عن موسى بن عقبة أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها : " استكثروا من النعال فإن أحدكم لا يزال راكبا ما كان منتعلا " .
وقال أنس : . كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه ، وكان لنعليه قبالان
وقال رضي الله عنه : " عليكم بالنعال فإنها خلاخيل الرجال " . عمر بن الخطاب
ولم تكن النعال من زي العجم ، وإنما كان لباسهم رأس الخف الذي يسمونه " التمسك " فيجب أن يحملوا على عادة لباسهم .
قال : ولأنها من زي العلماء والأشراف والأكابر فلا يمكنون من لباسها ، انتهى .
[ ص: 1299 ] فإن قيل : فقد كان اليهود يلبسونها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة وحولها ويرتدون ويفرقون رءوسهم ويلبسون العمائم ، ولم يمنعهم من شيء من ذلك ، ولهذا قال : " اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم " . وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق ما اتبع ، ولم يلزمهم بالغيار ولا خليفته من بعده إن رضي الله عنه . أبو بكر الصديق
قيل : إنما اعتمد أمير المؤمنين رضي الله عنه ومن بعده في الغيار سنته ، فإنه أرشد إلى مخالفتهم والنهي عنهم حيث لم يكن إلزامهم بالغيار إذ ذاك ممكنا ؛ لأن المسلمين لم يكونوا قد استولوا على عمر بن الخطاب أهل الكتاب وقهروهم وأذلوهم وملكوا بلادهم ، بل كانت أكثر بلادهم لهم وهم فيها أهل صلح وهدنة ، فكان المقدور عليه إذ ذاك أمر المسلمين مخالفتهم بحسب الإمكان ، فلما فتح الله على المسلمين أمصار الكفار وملكهم ديارهم وأموالهم وصاروا تحت القهر والذل وجرت عليهم أحكام الإسلام ألزمهم الخليفة الراشد والإمام العدل الذي ضرب الله الحق على لسانه وقلبه ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع سنته - - بالغيار ، ووافقه عليه جميع الصحابة واتبعه الأئمة والخلفاء بعده ، وإنما قصر في هذا من الملوك من قلت رغبته في نصر الإسلام وإعزاز أهله وإذلال الكفر وأهله . عمر بن الخطاب
وقد اتفق علماء المسلمين على وجوب إلزامهم بالغيار ، وأنهم يمنعون من التشبه بالمسلمين في زيهم .