فصل
روي عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ، رضي الله عنه، ابن عباس حين انتهى إلى للعباس بن عبد المطلب المدينة: "يا عباس، افد نفسك، وابني أخيك ، عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث ، وحليفك عتبة بن عمرو فإنك ذو مال" ، فقال: يا رسول الله، إني كنت مسلما ولكن القوم استكرهوني، فقال: "الله أعلم بإسلامك، إن يكن ما تذكر حقا فالله يجزيك به، فأما ظاهر أمرك فقد كان علينا فافد نفسك" ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ منه عشرين أوقية من الذهب، فقال يا رسول الله، احسبها لي في فداي، قال: "لا، ذاك شيء أعطاناه الله منك" ، قال: فإنه ليس لي مال. العباس:
قال: " فأين المال الذي وضعته بمكة حيث خرجت عند ليس معكما أحد؟ ثم قلت لها: إن أصبت في سفري هذا أم الفضل بنت الحارث فللفضل كذا وكذا، ولعبد الله كذا وكذا، ولقثم كذا وكذا، ولعبيد الله كذا وكذا "، قال: والذي بعثك بالحق ما علم هذا أحد غيري وغيرها، وإني لأعلم أنك رسول الله، ففدى نفسه، وابني أخيه، وحليفه العباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
وعن ، قال: حدثني ابن إسحاق العباس بن عبد الله بن معبد ، عن بعض أهله، عن ، رضي الله عنه، قال: عبد الله بن عباس بدر والأسارى محبوسين في الوثاق، بات رسول الله صلى الله عليه وسلم ساهرا أول [ ص: 589 ] ليلة، فقال له أصحابه: يا رسول الله، مالك لا تنام؟ قال: "تضور في وثاقه" . فقاموا إلى العباس فأطلقوه، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس لما أمسى القوم من يوم
وعن محمد بن إسحاق ، قال: حدثني ، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس ، قال: قال عكرمة أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت غلاما وكان الإسلام قد دخلنا أهل البيت، وأسلمت للعباس بن عبد المطلب وأسلمت، وكان العباس يهاب قومه ويكره أن يخالف، وكان يكتم إسلامه، وكان ذا مال كثير متفرق في قومه، وكان أم الفضل أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر، فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر كبته الله وأخذاه، ووجدنا في أنفسنا قوة وعزا، وكنت رجلا ضعيفا، وكنت أعمل القداح أنحتها في حجرة زمزم، فوالله إني لجالس فيها أنحت القداح، وعندي أم الفضل جالسة وقد سرنا ما جاءنا من الخبر ، [ ص: 590 ] إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجر رجليه بشر حتى جلس على طنب الحجرة، وكان ظهره إلى ظهري، فبينا هو جالس إذ قال الناس: هذا أبو سفيان بن الحارث قد قدم، فقال أبو لهب: هلم إلي يا ابن أخي ما عندك؟ قال: فجلس إليه والناس قيام عليه، فقال: يا ابن أخي، أخبرني كيف كان أمر الناس؟ قال: لا شيء، والله إن كان إلا أن لقيناهم، فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا ويأسرون كيف شاءوا، وايم الله مع ذلك ما لمت الناس، لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض ما تليق شيئا ولا يقوم لها شيء، قال أبو رافع: فرفعت طنب الحجرة بيدي ثم قلت: تلك الملائكة، قال: فرفع أبو لهب يده، فضرب وجهي ضربة شديدة، قال: فثاورته فاحتملني فضرب بي الأرض، ثم برك علي يضربني، وكنت رجلا ضعيفا، فقامت إلى عمود من عمد الحجرة فأخذته فضربته ضربة، ففلقت رأسه شجة منكرة، وقالت: تستضعفه أن غاب عنه سيده، فقام موليا ذليلا فوالله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه بالعدسة فقتلته، فلقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاثا ما يدفنانه حتى أنتن في بيته، وكانت قريش تتقي العدسة وعدواها كما يتقي الناس [ ص: 591 ] الطاعون، حتى قال لهما رجل من قريش: ويحكما ألا تستحيان إن أباكما قد أنتن في بيته لا تغيبانه؟ فقالا: إنا نخشى هذه القرحة. أم الفضل
قال: فانطلقا فأنا معكما، فما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يمسونه، ثم احتملوه، فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار، وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه.
وعن ، ابن عباس بني هاشم قد أخرجوا كرها فمن لقي منكم أحدا منهم فلا يقتله، ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله، ومن لقي عم رسول الله فلا يقتله، فإنما أخرج مستكرها" . العباس بن عبد المطلب
فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة: أنقتل آباءنا، وأبناءنا، وإخواننا، وعشيرتنا، ونترك العباس؟ والله لئن لقيناه لألحمنه السيف، فبلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول " يا أبا حفص، أما تسمع إلى قول لعمر بن الخطاب: أبي حذيفة يقول: أضرب وجه عم رسول الله بالسيف "، فقال عمر: يا رسول الله، دعني فلأضرب عنقه بالسيف، فوالله لقد نافق، قال والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي حفص، قال: فكان عمر: أبو حذيفة ، يقول: ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ، وأنا لا أزال منها خائفا إلا أن تكفرها عني الشهادة، فقتل يوم اليمامة شهيدا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يومئذ: "إني قد عرفت أن رجالا من [ ص: 592 ] قال أهل التاريخ: وإنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل لأنه كان أكف القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أبي البختري بمكة، كان لا يؤذيه، ولا يبلغه عنه شيء يكرهه، وكان ممن قام في نقض الصحيفة.
قال أهل التاريخ: رضي الله عنه سنة أربع وثلاثين، وصلى عليه العباس بن عبد المطلب ، ودفن عثمان بن عفان بالبقيع وجلس على قبره حتى دفن. عثمان مات