الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  وقول [ هذا الرافضي ] [1] . " وإباحة النبيذ مع مشاركته الخمر في [ ص: 425 ] الإسكار " احتجاج منه على أبي حنيفة بالقياس ، فإن كان القياس حقا بطل إنكاره [2] . وإن كان باطلا بطلت هذه الحجة .

                  ولو احتج عليه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : " كل مسكر خمر ، وكل خمر [3] . حرام " [4] لكان أجود .

                  وأما الوضوء بالنبيذ ، فجمهور العلماء ينكرونه . وعن أبي حنيفة فيه روايتان أيضا . وإنما أخذ ذلك لحديث لحديث : [5] . روي في هذا هذا : [6] . الباب : حديث ابن مسعود م : [7] . وفيه : " تمرة [8] . طيبة وماء طهور " . والجمهور منهم من يضعف [9] . هذا الحديث [10] . ، ويقولون : إن كان صحيحا فهو منسوخ [ ص: 426 ] بآية الوضوء وآية تحريم الخمر ، مع أنه قد يكون لم يصر نبيذا ، وإنما كان الماء [11] . باقيا لم يتغير ، أو تغير تغيرا يسيرا أو تغيرا كثيرا ، مع كونه ماء على قول من يجوز الوضوء بالماء المضاف ، كماء الباقلاء وماء الحمص ونحوهما ، وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد في أكثر [12] . الروايات عنه ، وهو أقوى في الحجة من القول الآخر ; لأن قوله [13] . ( فلم تجدوا ماء ) [ سورة النساء : 43 ] [14] . نكرة [15] . في سياق النفي ، فيعم ما تغير بإلقاء هذه الطاهرات [16] . فيه ، كما يعم ما تغير بأصل خلقته ، أو بما لا يمكن صونه عنه [17] ، إذ شمول اللفظ لهما سواء كما يجوز التوضؤ بماء البحر .

                  وقد [18] . قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قيل له أنتوضأ من ماء البحر ؟ [ فإنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا . فقال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ] [19] " وهو الطهور ماؤه الحل ميتته " . قال الترمذي : حديث صحيح [20] ، فماء البحر طهور ، مع [ ص: 427 ] كونه في غاية الملوحة والمرارة والزهومة [21] . فالمتغير بالطاهرات أحسن حالا منه ، لكن ذاك تغير أصلي وهذا طارئ .

                  وهذا الفرق لا يعود إلى اسم الماء ، ومن اعتبره جعل مقتضى القياس أنه لا يتوضأ بماء البحر ونحوه ، ولكن أبيح ; لأنه لا يمكن صونه عن المغيرات [22] . والأصل ثبوت الأحكام على وفق القياس لا على خلافه ، فإن كان هذا داخلا في اللفظ دخل الآخر [23] ، وإلا فلا . وهذه دلالة لفظية لا قياسية ، حتى يعتبر فيها المشقة وعدمها .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية