الوجه الثالث : أن يقال : هب أن كان معصوما ، فإذا كان الاختلاف بين عليا الشيعة هذا الاختلاف ، وهم متنازعون هذا التنازع ، فمن أين يعلم صحة بعض هذه الأقوال عن دون الآخر ، وكل منهم يدعي أن ما يقوله إنما أخذه عن المعصومين ، علي للشيعة أسانيد متصلة برجال معروفين وليس [1] مثل أسانيد أهل السنة حتى ينظر في الإسناد [2] وعدالة الرجال . بل إنما هي منقولات منقطعة عن طائفة عرف فيها كثرة الكذب وكثرة التناقض في النقل ، فهل يثق عاقل بذلك ؟ [ ص: 19 ] وإن ادعوا تواتر نص هذا على هذا ، [ ونص هذا على هذا ] [3] كان هذا معارضا بدعوى غيرهم مثل هذا التواتر ، فإن سائر القائلين بالنص إذا ادعوا مثل هذه الدعوى لم يكن بين الدعويين [4] فرق .
فهذه الوجوه وغيرها تبين أن بتقدير [5] ثبوت عصمة - رضي الله عنه - فمذهبهم علي [6] ليس مأخوذا عنه ، فنفس دعواهم العصمة في مثل دعوى علي النصارى الإلهية في المسيح . مع أن ما هم عليه ليس مأخوذا عن المسيح .